الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبما أنك لم تتلفظ بالعهد الذي أصابتك الوسوسة فيه فإنه لا يلزمك النذر ما دمت لم تتلفظ به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم.. رواه البخاري ومسلم.
والشك في التلفظ بالنذر لا يلزم به النذر لأن الأصل عدمه، وإذا حلفت على عدم العمل في مهنتك ثم عملت بعد تخرجك فإنه يلزمك كفارة يمين فقط، وليس كفارتين أو ثلاثاً لأن المحلوف عليه أمر واحد وتكرار الحلف إنما هو للتأكيد فلا تتعدد الكفارة به، وإن لم تكفر عن يمينك فالمال الذي تكسبه من العمل مال مباح وليس حراماً، ولكن تبقى في ذمتك الكفارة ويلزمك إخراجها.
ثم إننا ننصح السائل الكريم بأمرين:
الأول: أن لا يشغل نفسه بشيء لم يقع بعد، فلا يشغل نفسه بما سيفعله بعد التخرج، وقد كان السلف الصالح يكرهون الأسئلة عما لم يقع، فإذا سئلوا عن شيء لم يقع يقولون: دعوه حتى يقع.
الثاني: أن يعلم أن الوسوسة شرها مستطير وتدع صاحبها كأنه لا عقل له وفي مصاف المجانين، فاتق الله تعالى ولا تفتح على نفسك باب شر قد يصعب عليك إغلاقه، ولا بأس بأن تعرض نفسك على طبيب نفسي، فربما كان وسوستك المفرطة ناتجة عن حالة نفسية، وقد جاءت الشريعة بالأمر بالتداوي.
والله أعلم.