الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكر ابن مفلح في كتاب الآداب الشرعية هذه الرواية، وقال عقبها: كَذَا رَوَى هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَالْمَعْرُوفُ خِلَافُ هَذَا عَنْهُ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُمْ يَسْتَمِعُونَ وَيَتَوَاجَدُونَ عِنْدَ الْقُرْآنِ فَيَحْصُلُ لِبَعْضِهِمْ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْغَشْيِ وَالْمَوْتِ كَمَا كَانَ يَحْصُلُ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّان، وَعَذَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فَلَا يُخَالِفُهُ. انتهى.
ومثلها أيضا في الفروع، والبهوتي في كشاف القناع والرحيباني في مطالب أولي النهى.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه لسان الميزان: نحواً من هذه الحكاية في ترجمة علي بن الحسن الطرسوسي، قال: صوفي وضع حكاية عن الإمام أحمد في تحسين أحوال الصوفية، رواها عنه العتيقى، والحكاية المذكورة روينا في الطيوريات عن العتيقي عنه سألت سليمان بن أحمد الطبري سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي يقول وقيل له: إن هؤلاء الصوفية جلوس في المساجد بغير علم. قال: العلم أقعدهم.؟ قيل له: فإن همتهم كسرة وخرقة.؟ فقال: لا أعلم عذزا ممن هذا صفتهم. قيل: فإنهم إذا سمعوا السماع يقومون فيرقصون.؟ قال: دعوهم ساعة يفرحون بربهم.
وسواء ثبتت القصة عن الإمام أحمد رحمه الله ، أم لا ، فينبغي التنبيه إلى أن الصوفية ليست شراً بإطلاقها، وإنما قد تطلق هذه الكلمة على بعض الزهاد من الراسخين في العلم في القرون الأولى، فالعبرة بموافقة الشرع وليس بمجرد الأسماء والاصطلاحات، كما ننبه إلى أن الصوفية اليوم الغالب عليهم البدع والانحراف عن طريق الشرع، ولا شك أن النجاة في الاعتصام بالكتاب والسنة ، والهلاك في اتباع الهوى ومخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.