الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب أن يتم أداء الحقوق لأصحابها، فإن أمكن مراجعة الحسابات ليأخذ كل طرف حقه فيجب عليك القيام بذلك حتى ولو كان هناك صعوبة أو مشقة، أما إذا لم يمكن معرفة الحساب بينكم وبين المورد، ففي هذه الحال إذا تم الاتفاق على مبلغ معين ورضي بذلك المورد فلا حرج في ذلك مع تحلل كل طرف من الآخر، وهذا من باب الصلح عن المجهول وهو صحيح فيما يتعذر علمه عند المالكية والحنابلة، قال ابن قدامة في المغني: ويصح الصلح عن المجهول، سواء كان عيناً أو ديناً، إذا كان مما لا سبيل إلى معرفته، قال أحمد في الرجل يصالح على الشيء: فإن علم أنه أكثر منه، لم يجز إلا أن يوقفه عليه، إلا أن يكون مجهولاً لا يدري ما هو.. وقال ابن أبي موسى: الصلح الجائز.. وكذلك الرجلان يكون بينهما المعاملة والحساب الذي قد مضى عليه الزمان الطويل، لا علم لكل واحد منهما بما عليه لصاحبه، فيجوز الصلح بينهما، وكذلك من عليه حق لا علم له بقدره، جاز أن يصالح عليه، وسواء كان صاحب الحق يعلم قدر حقه ولا بينة له، أو لا علم له ويقول القابض: إن كان لي عليك حق فأنت في حل منه. ويقول الدافع: إن كنت أخذت مني أكثر من حقك فأنت منه في حل. انتهى.
ومما يستدل به على مشروعية الصلح عن المجهول ما رواه أحمد وأبو داود عن أم سلمة قالت: جاء رجلان من الأنصار يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواريث بينهما قد درست ليس بينهما بينة.. الحديث وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إذا قلتما فاذهبا فاقتسما ثم توخيا الحق ثم استهما ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه. قال شعيب الأرنؤوط: إسناد حسن..
وكذلك الحال في سؤالك الثاني إن أمكن معرفة الحساب لزم ذلك فإن كان هناك مبلغ للمورد يجب عليك أن تؤدي هذا المبلغ إليه أو إلى ورثته، فإن عجزت عن العثور عليه فعليك أن تتصدق بهذا المبلغ عن المورد، مع تخيير المورد إن عثرت عليه بين أجر الصدقة أو أن ترد له ماله ويكون أجر الصدقة لك، أما إذا لم يمكن معرفة الحساب فما تراضيتما عليه فهو جائز وهو من باب الصلح عن المجهول، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3519، 31434، 59949، 67267، 111664.
والله أعلم.