الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإننا نود أن نوضح أولاً حقيقة مهمة وهي أن هذا الإنترنت إن استغل في الخير ونشر الحق والفضيلة كان نعمة من نعم الله عز وجل على الناس، ولا يجوز بحال أن يكون مجالاً لنشر شيء من الشر والفساد، فمن فعل ذلك كانت عاقبته وخيمة؛ لأن ما ينشر قد يطلع عليه الملايين من البشر، وربما كان سبباً لإفسادهم فمن تسبب في إضلالهم اجتمع عليه مثل أوزارهم، كما أن من نشر الخير من خلاله كان له مثل أجور من تسبب في هدايتهم، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً.
ومن كان قادراً على أن يحول دون نشر الفساد لا يجوز له أن يسمح بنشره وإلا أثم، روى مسلم أيضاً عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. والأصل المنع من تواجد المسلم في مكان يعصى فيه الله تعالى، للآية التي أشرت إليها وهي قوله تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ {الأنعام:68}.
ولكن إن كان هذا التواجد لغرض صحيح كإنكار المنكر وإقامة الحجة على المخالفين فإنه يجوز بل قد يستحب أو يجب، فلا يترك المجال لأهل الباطل يصولون ويجولون وينشرون باطلهم دون أن يتصدى لهم، ولا يضر كون عدد المجموعة سيزيد ما دامت هذه الأغراض الشرعية يمكن تحقيقها، ولا شك أنه لا ينبغي أن يتصدى لمحاورة أهل الباطل إلا من كان لهم إلمام بقدر كبير من العلم الشرعي، يتمكنون به من رد الباطل وإلا ضعفت حجة المسلم وقويت شبهة الملحد والمبطل، وفي هذا من أسباب الفساد ما لا يخفى.
والله أعلم.