الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يظهر لنا كون هذا المال ضمارا، لأنه وديعة في يد البنك يمكنك تحصيلها في أي وقت، وإنما منعه من توصيله إليكم ما ذكرت من ظروف الحرب، فهو مال مرجو الحصول إذ المال الضمار هو غير مرجو الحصول. جاء في الموسوعة الفقهية: اصطلاحا يطلق الفقهاء المال الضمار على المال الذي لا يتمكن صاحبه من استنمائه، لزوال يده عنه، وانقطاع أمله في عوده إليه، وعلى هذا عرفه صاحب المحيط من الحنفية بقوله: هو كل ما بقي أصله في ملكه، ولكن زال عن يده زوالا لا يرجى عوده في الغالب.انتهى.
وفي المال الضمار ثلاثة أقوال معروفة للعلماء؛ أولها: أنه يستقبل به حول جديد. وهو قول أبي حنيفة واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وثانيها: أنه يزكي لحول واحد وهو قول مالك وترجيح العلامة العثيمين، وثالثها: أنه يزكى لما مضى من السنين، وهو قول الجمهور وهو الراجح.
والحاصل إن الزكاة واجبة عليك لما مضى من السنين لأن مالك ليس ضمارا بل على افتراض كونه ضمارا فالزكاة كذلك واجبة لما مضى من السنين على الراجح كما تقدم، واعلمي أيتها الفاضلة أن المال مال الله، وأن الخلق خلق الله، والواجب عليهم أن يصرفوا هذا المال حيث أمرهم. ثم اعلمي أن الزكاة لا تنقص المال بل تزيده وتنميه وتجعله مباركا نافعا، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: ما نقص مال من صدقة.
وقال عز وجل: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِين َ{سبأ:39}.
فعليك أن تؤدي زكاة مالك وأنت طيبة النفس، منشرحة الصدر، راجية للخلف من الله عز وجل.
والله أعلم.