الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلعك قد اطلعت على الكم الهائل من الفتاوى والأجوبة التي نشرناها على صفحات هذا الموقع عن حكم توفير اللحية وحلقها.. وما يتعلق بها من مباحث وأحكام؛ ولذلك لا نناقش هذا الموضوع هنا. ولكننا نريد أن ننبه على عدة أمور تركز حولها سؤال السائل الكريم.
فمن هذه الأمور: أن قول أهل العلم: لا إنكار في ترك المستحب، ولا إنكار في مختلف فيه. ليس على إطلاقه كما قال المحققون من أهل العلم، بل هو مقيد بعدم اصطدام الخلاف بنص من نصوص الوحي من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو الإجماع، وهو ما حصل في هذه المسألة كما بينا في الفتاوى المشار إليها قال القرافي المالكي في الفروق: وقال الشيخ محي الدين النووي في منهاجه: أما المختلف فيه فلا إنكار فيه، وليس للمفتي ولا للقاضي أن يعترض على من خالفه إذا لم يخالف نص القرآن أو السنة أو الإجماع.
وأما قولهم: لا إنكار في مسائل الاجتهاد فهو صحيح ؛ لأن الاجتهاد لا يكون إلا في ما لا نص فيه، وممن هو من أهله.
ومنها: أن المنقول عن الإمام الشافعي في حلق اللحية هو التحريم كما قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج إنه نص في الأم على تحريم حلقها، وأما الكراهة فقد نقلت عن شيخي الشافعية الإمام النووي والرافعي فقال: فَائِدَةٌ قَالَ الشَّيْخَانِ يُكْرَهُ حَلْقُ اللِّحْيَةِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةَ فِي حَاشِيَةِ الْكَافِيَةِ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى التَّحْرِيمِ. اهـ
واعلم أنه على افتراض أن الخلاف في حلق اللحية معتبر - وهو ليس كذلك -؛ فإن عدم الإنكار على حالقها لا يعني عدم البيان له أن القول الراجح هو المنع والتحريم، فقد جاء في الموسوعة الفقهية وغيرها: وإذا كان الخلاف معتبرا فليس معنى عدم الإنكار على صاحبه ترك البيان له من عالم يرى مرجوحية فعله. اهـ
والله أعلم.