الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزوج يجب عليه أن ينفق على زوجته، وعلى أولاده على قدر استطاعته نفقة لا إسراف فيها ولا تقتير لقول الله عز وجل: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة:233].
ولحديث معاوية القشيري عن أبيه قال: قلت يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت" رواه أبو داود.
ويجب عليه المسكن حسب طاقته أيضاً، لقول الله عز وجل: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ) [الطلاق:6].
ولا يلزمه أن يعطيها مالا لمصاريفها الشخصية ما دام أنفق عليها، وعلى أولادها وكساهم بالمعروف، إذ لا يلزمه أكثر من ذلك، غير أنه إن زادها على الواجبات شيئاً لا إسراف فيه تقوية لأواصر المودة بينهما فهو أمر حسن، ومندوب إليه.
ولا يلزمه أن يطلعها على دخله وحساباته الخاصة، ويحرم عليه أن يطيعها في قطع النفقة عن والديه، أو قطع صلة أرحامه، بل عليه أن يمتثل أمر الله، فالله سبحانه وتعالى يقول: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ ) [النساء: من الآية36].
ثم إننا نقول لك: إن الأولى والأجدر بالزوجين أن يسود بينهما جو المودة والتراحم، يقول الله سبحانه وتعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) [الروم: من الآية21].
وأن يحلا مشاكلهما من وراء الستار بحيث لا يطلع عليها قرابات كل منهما ما أمكنهما ذلك، فإن تدخل القرابات يجعل من الأمر البسيط مشكلة ضخمة، ولابد في ذلك كله من تنازل كل من الطرفين عن بعض من الأمور التي يراها حقوقاً له.
والله أعلم.