الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تأخيرك العشاء إلى ما بعد نصف الليل لكونك متعبة لم يكن ينبغي- وإن كانت وقعت أداء على الراجح- وذلك لأسباب: منها: الدخول في خلاف من يقول بخروج وقت العشاء مطلقا بنصف الليل، وخلاف الحنابلة الذين يؤثمون بتأخيرها بغير عذر. ومنها: النوم قبلها، وقد صح نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وكونكِ تقومين الليل بعدها لا يسوغ لكِ تأخيرها إلى ما بعد نصف الليل. ولبيان خلاف العلماء في وقت العشاء نقول: اختلف العلماء في آخر وقت الاختيار للعشاء هل هو ثلث الليل أو نصفه، والثاني هو الراجح لحديث عبد الله بن عمرو عند مسلم وفيه: ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل. واختلفوا بعد هذا في حكم فعلها بعد مضي هذا الوقت، فذهب جمع من العلماء منهم الإصطخري من الشافعية وأبو محمد بن حزم ورجحه العلامة العثيمين إلى أن فعل العشاء بعد نصف الليل يكون قضاء لا أداء، وأن وقتها يخرج بانتصاف الليل مطلقا، وهذا القول مرجوح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على الذي يؤخر الصلاة حتى يدخل وقت التي تليها. أخرجه مسلم من حديث أبي قتادة، فدل بعمومه على أن وقت كل صلاة يمتد إلى الأخرى وخرجت الصبح بالإجماع، وبقيت العشاء على الأصل. ويؤيد القول بامتداد وقت العشاء إلى الفجر فتوى عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم بأن الحائض إذا طهرت قبل الفجر لزمها فعل المغرب والعشاء، فلو لم يكن ما بعد نصف الليل وقتا للعشاء لما ألزم الصحابة بفعلها فيه، ولا يعرف لمن أفتى بهذا منهم مخالف. إذا تبين هذا فمذهب الحنابلة أن صلاة العشاء بعد نصف الليل تقع أداء لكن تأخيرها لغير المعذور لا يجوز، وذهب الشافعية والحنفية إلى أن ما بعد نصف الليل وقت جواز للعشاء، لا إثم في تأخيرها إليه، ولكن يكون خلاف الأفضل. وانظري الفتوى رقم: 36808، 66741.
ثم اعلمي أن التهجد ترك الهجود وهو الرقاد، فالتهجد هو القيام للصلاة بعد النوم وهو من قيام الليل، فقيام الليل عام يشمل الصلاة أول الليل وآخره، والتهجد خاص بما ذكرنا، وهو أفضل قيام الليل لوقوعه في آخره. وصلاة آخر الليل معلوم فضلها، وقد دلت على فضلها نصوص كثيرة. وللمزيد انظري الفتوى رقم: 12273.
والله أعلم.