الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبارك الله فيك لحرصك على بر والدك، وتمام شفقتك عليه، وشدة رغبتك في صلاحه وخوفك عليه من سوء الخاتمة ، لما يتلبس به من كبائر الذنوب، ويتصف به من مرذول الأخلاق، إذا صح ما نسبته إليه.
أما عن سؤالك، فما كان ينبغي لك أن تبلغي الشرطة عن والدك، قبل أن تبحثي عن ما هو أيسر من ذلك لردعه، كإبلاغ بعض الأقارب ممن يؤثر عليه، أو بعض أهل الدين والمروءة، فإن حق الوالدين عظيم، ولا يجوز للولد أن يتعرض لهما بإيذاء مهما بلغا من سوء الخلق والبعد عن الدين، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالد المشرك الذي يأمر ولده بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14}.
لكن لا تجوز طاعتهما في معصية أو إعانتهما أو إقرارهما عليها، وإنما يجب إنكارها عليهم والحيلولة بينهم وبينها بكل سبيل مشروع، مع التزام الأدب والرفق، والمصاحبة بالمعروف.
وعلى كل حال، نرجو أن يعفو الله عنك لكونك قصدت ردعه عن المعاصي، وظننت أنه لا يردعه إلا ذلك.
والذي نوصيك به أن تداومي على بره وطاعته في غير معصية، وتنصحي إخوتك بذلك، ولا تيأسي من حاله، فليست هدايته على الله ببعيدة، وعليك نصحه بالرفق، وتخويفه من سوء العاقبة، وتذكيره بالموت وما بعده، مع محاولة توجيه بعض أهل الدين لنصحه وحثه على سماع المواعظ وحضور مجالس العلم والذكر، مع الإلحاح في الدعاء له بالهداية، فإن الله قريب مجيب.
وهذا ننبه إلى أنه لا يجوز اتهامه بالفاحشة من غير بينة دامغة، فالأصل في المسلم السلامة من الفسق خاصة إذا كان محافظا على الصلاة والفرائض.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 12032 .
والله أعلم.