الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنكار المنكر له ثلاث مراتب، بينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم. ولا شك أن البدع من جملة المنكرات التي يجب إنكارها وبيان زيفها، ولهذا الإنكار لمنع البدعة خمس مراحل، جاء ذكرها في الموسوعة الفقهية وهي:
أ- التعريف ببيان الصواب من الخطأ بالدليل.
ب- الوعظ بالكلام الحسن مصداقاً لقوله تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ.
ج- التعنيف والتخويف من العقاب الدنيوي والأخروي، بيان أحكام ذلك في أمر بدعته.
د- المنع بالقهر، مثل كسر الملاهي وتمزيق الأوراق وفض المجالس.
هـ- التخويف والتهديد بالضرب الذي يصل إلى التعزير، وهذه المرتبة لا تنبغي إلا للإمام أو بإذنه، لئلا يترتب عليها ضرر أكبر منها... وصرح العلماء بجواز إهانة المبتدع بعدم الصلاة خلفه، أو الصلاة على جنازته، وكذلك لا يعاد إذا مرض على خلاف في ذلك. انتهى.
ولا نعلم عن السلف أنهم كانوا يضربون أهل البدع، إلا ولاة الأمر منهم كالأمراء والقضاة، ومن ذلك ما رواه الدارمي عن سليمان بن يسار: أن رجلاً يقال له صبيغ قدم المدينة، فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر، وقد أعد له عراجين النخل، فقال: من أنت؟ قال: أنا عبد الله صبيغ، فأخذ عمر عرجونا من تلك العراجين فضربه، وقال: أنا عبد الله عمر. فجعل له ضرباً حتى دمي رأسه، فقال: يا أمير المؤمنين حسبك، قد ذهب الذي كنت أجد في رأسي.
وقد سبق ذكر فضيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وضوابطه وشروطه ومراتبه. وذلك في الفتوى رقم: 9358، والفتوى رقم: 36372.
والله أعلم.