الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن المعلوم أن الغيب المطلق لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى، ولكن قد يكشف الله تعالى لبعض الناس عن بعض الغيب وخاصة عباده الصالحين وأولياءه المتقين، كما جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدَّثون، وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فهو عمر بن الخطاب. والمحدثون هم الملهمون، الذين يجري الله تعالى على ألسنتهم بعضاً من المغيبات كأنما حدثوا بها. وأما إمكان تحقق ذلك لبعض الأشخاص فلا مانع منه شرعاً ولا عقلاً، ولكن ما كان منه على جهة الكرامة لا بد لصاحبه أن يكون تقياً مستقيما على طاعة الله؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 25660.
وقد سبق الكلام على الإلهام والكشف، والتمييز بين ذلك وبين الخواطر الشيطانية، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 68772 ، 64898 ، 5416.
وهناك طريقة أخرى يخبر بها بعض الناس عن بعض أمور المستقبل، وهي الفراسة، وحقيقتها: القدرة على معرفة بعض الأحوال الباطنة ببعض العلامات الظاهرة. والظاهر أن ما ذكرته السائلة قد يكون من هذا النوع، وقد سبق الكلام على الفراسة معناها وحقيقتها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 101966 ، 47147 ، 54250.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: ليس هناك من البشر من يتلقى عن الله مباشرة شيئا من الوحي إخبارا أو تشريعا سوى الأنبياء أو الرسل عليهم الصلاة والسلام، وإلا الرؤيا الصادقة يراها الرجل الصالح أو تُرى له مناما لا يقظة، فإنها جزء من ستة وأربعين جزءا من الوحي، وإلا الفراسة الصادقة فإنها نوع من الإلهام كما كان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه. انتهى.
ومن الأمثلة التي ذكرتها السائلة الكريمة ما يظهر أنه إصابة العين، كقولها عن أختها: (بشرتها جميلة بيضاء) وقولها عن أخيها: (دائما يسرع ولا يتسبب بحادث) والظاهر أنها قالت ذلك دون أن تدعو بالبركة، وقد سبق أن بيَّنا أن العين قد تكون من محب، في الفتوى رقم: 71554. وأنها حق وتصيب بإذن الله وذلك في الفتويين: 23861 ، 16755.
كما سبق أن بينا ما يسن قوله وفعله لمن أعجبه شيء من نفسه وغيره، وحكم من أتلف شيئا بإصابة عينه، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 33932 ، 48731 ، 58591.
والله أعلم.