الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا أن من خرج منه المني بعد اغتساله لزمه إعادة الغسل، وذلك في الفتوى رقم: 114549 .
وأما من شك هل الخارج منه هو المذي أو المني فإنه يلزمه حكمهما عند الحنابلة، فيغسل ذكره ويتوضأ مرتبا على فرض كونه مذيا، ويغسل جميع بدنه على فرض كونه منيا، وعند الشافعية أنه يتخير في جعله أيهما فيلتزم بحكمه.
قال في مطالب أولى النهى: وألا يتقدم نومه سبب ووجد بللا في ثوبه أو بدنه أو فراشه اغتسل وجوبا وتوضأ مرتبا متواليا وطهر ما أصابه أيضا.
قال في شرح الإقناع: احتياطا ثم قال: وليس هذا من باب الإيجاب بالشك؟ وإنما هو من باب الاحتياط في الخروج من عهدة الواجب؟ كمن نسي صلاة من يوم وجهلها؟ لأنه في المثال لا يخرج عن كونه منيا أو مذيا؟ ولا سبب لأحد الأمرين يرجح؟ فلم يخرج من عهدة الواجب إلا بما ذكر. انتهى بتصرف.
وقال الخطيب الشربيني في الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع: فإن احتمل كون الخارج منيا أو غيره كودي أو مذي تخير بينهما على المعتمد.
وننبه هنا إلى أنك إن علمت أن هذه القطرات خرجت منك بعد ما صليت العصر فلا تجب عليك إعادة الصلاة، وإنما يجب عليك الغسل أو الوضوء على التفصيل المتقدم.
وعلى هذا فإن كانت هذا القطرات قد خرجت بعد اغتساله يقينا، ولم يدر هل هي مذي أم مني فعليه أن ينضح مكانها ويغسل ذكره ويتوضأ مرتبا، ويغتسل إعمالا لحكم كل من المذي والمني عند الحنابلة وهو الأحوط.
وعند الشافعية يتخير فإن جعله مذيا غسل محله من الثوب وغسل ذكره وتوضأ، وإن جعله منيا اغتسل فحسب، إذ المني طاهر فلا يلزم تطهير الثوب منه، وعليه إعادة الصلاة على كل حال، لأننا إن قلنا هو مذي فهو ناقض للوضوء، وإن قلنا هو مني فهو موجب للغسل، والذي نرى هو العمل بقول الحنابلة لكونه أحوط وأبرأ للذمة.
وأما إن كان شاكا في هذه القطرات هل خرجت منه قبل الغسل أو بعده، فالأصل أنه لم يخرج منه شيء بعد اغتساله، فيكفيه العمل بهذا الأصل ولا شيء عليه.
والله أعلم.