الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن كتابة الأب لأملاكه باسم الأبناء دون البنات عمل مخالف لما جاء به الشرع المطهر، ومشابه لعمل أهل الجاهلية الذين كانوا يحرمون البنات من الميراث، وهذه الكتابة لا تخلو من حالين:
الأولى: أن يسلم الوالد العقارات لأبنائه في حياته حال صحته ويصير الأبناء يتصرفون فيها تصرف المالك فهذه هبة أي عطية، ولكنها هبة باطلة شرعا لأن الوالد لم يعدل فيها حيث أعطى الأبناء وحرم البنات، وهو مأمور شرعا بأن يعدل بين أولاده في العطية، فقد قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ {النحل: 90}، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
وإذا لم يعدل الأب في عطيته فإنها تكون باطلة، وللبنات الحق في مطالبته بالعدل في حياته، وكذا لهن الحق في المطالبة بالعدل بعد مماته إلا إذا كن قد رضين حقيقة بما فعله والدهن فليس لهن المطالبة حينئذ، وانظر الفتوى رقم: 107734.
الثانية: أن يكتب الوالد العقار باسم الأبناء من غير أن يملكهم إياها حتى يموت فهذه تعتبر وصية بأن تكون العقارات للأبناء، وهذه الوصية ممنوعة شرعا لأنها لوارث، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود ورواه الدارقطني. وزاد: إلا أن يشاء الورثة.
فلا تمضي الوصية إلا برضا البنات، ويشترط لصحة رضا البنت أن تكون بالغة رشيدة، فمن كانت صغيرة أو غير رشيدة فلا عبرة برضاها ويبقى حقها محفوظا، وحتى لو استرضى الوالد البنات في أن تكون الوصية للأبناء فقط فإن لهن الرجوع عن ذلك بعد مماته وقبل تسلم الأبناء التركة لأن رضاهن في حياته إسقاط للحق قبل وجوبه فهو لا يعدو كونه وعدا منهن بأن يتنازلن عن نصيبهن بعد مماته لأنهن في حياته لم يملكن التركة بعد، فإذا مات لم يلزمهن الوفاء بذلك الوعد ولهن أخذ نصيبهن. وانظر للأهمية الفتوى رقم: 97300.
والله أعلم.