الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تفشي أسرار زوجها لأي أحد لا لوالديه ولا لغيرهما إلا لضرورة أو حاجة؛ لأن حفظ السر أمانة، وإفشاءه خيانة، والله لا يحب الخائنين، لكن إن كان قد غلب على ظن هذه الزوجة - بعد تفاقم الخلاف بينها وبين زوجها - أن أمه قادرة على إصلاحه ورده عن خطئه فشكت إليها بناء على ذلك فلا حرج عليها فيما فعلت.
أما ما فعلته أمه من إفشاء السر بين أخواته فهذا حرام وتضييع للأمانة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حدث الرجل بحديث ثم التفت فهي أمانة. حسنه الألباني. ومعنى "ثم التفت" أي: التفت يمينا وشمالا خشية أن يراه أحد، جاء في عون المعبود: قال ابن رسلان: لأن التفاته إعلام لمن يحدثه أنه يخاف أن يسمع حديثه أحد وأنه قد خصه سره، فكان الالتفات قائما مقام اكتم هذا عني أي خذه عني واكتمه وهو عندك أمانة. انتهى.
وقال الغزالي في الإحياء: وإفشاء السر خيانة وهو حرام إذا كان فيه إضرار، ولؤم إن لم يكن فيه إضرار. اهـ وقال الماوردي: إظهار الرجل سر غيره أقبح من إظهار سر نفسه؛ لأنه يبوء بإحدى وصمتين الخيانة إن كان مؤتمنا، والنميمة إن كان مستخبرا، فأما الضرر فيما استويا فيه أو تفاضلا فكلاهما مذموم وهو فيهما ملوم. انتهى
واعتذارها بأنه لا حرج عليها في ذلك لأنهن أخواته لا يفيد، فإن لكل واحد من الإخوة أسرارا وخصوصيات في بيته لا يرضى أن يطلع عليها إخوته بل ولا والداه.
فعلى هذه الأم أن تستغفر لذنبها وتتوب إلى ربها، وتوصي بناتها بكتمان ما كان.
والله أعلم.