الشيطان يسعى إلى قطع الإرحام وإفساد ذات البين

12-3-2009 | إسلام ويب

السؤال:
سأطيل عليكم قليلاً لأن القصة مرتبطة ومشتبكة مع بعضها البعض.
في سنة 1994 توفيت أمي، وتركت ابنة صغيرة، فكان أعمامي وأخوالي يريدون أن يربوها فتكفل بها عمي وزوجته لأنه لا يوجد لديهم بنات، وهي موجودة إلى الآن مع عمي الأصغر، وهي تتجاهل بأنها أختنا لأن زوجة عمي لا تريد أن تخبرها بالحقيقة لأنهم متعلقون ببعضهم، مع أن خالي قالت لها الحقيقة مرة 2008 إلا أنها تعصبت، وعندما أكلم أبي عن الموضوع لا يقدر أن يأخذها؛ لأن عمي من النوع الذي يغضب.
في حين أنهم يحسبون بأنه منزل واحد عائلة واحدة لا فرق بين أطفالهم، مع العلم بأن أبناء عمي معظمهم مسافرون يدرسون بالخارج.
وتقريباً من سنة 1997 كان توفيت جدتي أم أخوالي، وأحد أعمامي زوج ابنته في ذات الأسبوع في مدة لم تتجاوز العشرة أيام، الأخت الأكبر للأخت الذي يريد الزواج بها أخي ، مع العلم بأن أخوالي وأعمامي أبناء عمومة.
في حين طلب أبي من عمي تأجيل العرس لأنه مازال عندنا عزاء أو أنه لن يتكلم معه مجددا، وبعدها بسنة أبي لا يريد أن يزوج أخي من ابنة عمي لأسباب لا أعرفها حتى الآن، وفي نفس المدة هو وعمي على خلاف.
وبعدها طلب أخي بأن يزوجوه واحدة أخري فرفض أبي وذلك لأسباب يراها هو، فذهب أبي وأعمامي إلي عمي الأكبر وخطبوا ابنته التي كان يريدها في السابق أخي بعد أن تصالحوا بمدة.
بعد فترة ذهب أخي إلي خالي وطلب منه أن يزوجها له (ليست ابنة عمي بل الأخرى) وبعدها يقول خالي رددته مرتين، وبعد ذلك جاء أخوالي إلي أبي، ومعهم بعض الأقارب كي يعملوا حلا لأن أبي لا يريد هذه الفتاة وهو خاطب له بنت عمي، ويريدها بأكثر من أي شئ لابنه.
فعندما دار الحديث كان خلاصة الكلام من أخوالي (يا أنت تزوجها له أو نحن نزوجها له) فرد أبي (هذا ليس بحل أنه فرض)
( أذهبوا وزوجوها له ) فتخاصموا من سنة 2001
ومن حينها أبي لا يكلم خالي ولا يسلم عليه، فتم بعد ذلك وزوجها له رغماً عن أبي لأنه رافض الموضوع إطلاقاً.
وفي هذه السنوات السابقة 2005 تصالح أبي وأخي ولكن مع خالي لم يتصالحوا، وأبى لا يسلم على خالي وحين تدخلوا في الموضوع يقول أبى لا أقدر؛ لأن كل الذي فعله يمر أمام عيني كلما أراه.
والسنة هذه كان أبى ذاهب للحج فتكلم معه أحد الشيوخ وعمى وقال له يجب أن تنهي هذا كله وبالفعل لم يرفض لأنه ذاهب إلي بيت الله للحج.
فتوكلوا على الله وذهبوا إلى خالي الأكبر، عمي والشيخ ليصطحبوه معهم ويتم الصلح وثم إلى خالى الأصغر ولم يمتنع، ولكن خالي الأكبر امتنع وبدأ يعطي أسبابه، ومع أنه يرى نفسه على الصواب. وقال ابن أختي كنت أخاف عليه من الضياع، كأن تصيبه حالة نفسية أو اكتئاب، ولذلك زوجته من يريد هو وليس أبوه، ونريد أن نعرف من هو المخطئ في ذلك، ورجعوا إليه اليوم(عمي ومعه أقارب رجل خالتي وعمي درجة ثانية) الذي يليه ولم يقل شيء، قال إن شاء لله هل هو أرسلكم (لجماعة الصلح).
وذهب إليه أخي الذي زوجه ولكنه رفض، وكذلك أختي وكذلك لم يأت، أنا لم أذهب لأني أعرف بأنه سيردهم.
يمكن أنه نسيت بعض الأشياء، لكنني متأكد من أن الموضوع وصل لكم بالكامل.
أعلم بأني أطلت عليكم، مع العلم أن عمي الأكبر (صاحب البنات)خطيب جمعة وهو متوفى 2008
وخالي مدير مدرسة إعدادية وملتزم، وعمي الأصغر (كفيل أختي) سفير وملتزم، أبي دكتور وخطيب جمعة وشيخ قبيلة كبيرة.
أريد تحليلاً مفصلاً(فتوى) ومن هو الذي علي حق، وكيف العمل مع هؤلاء الناس المتعلمين؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما حدث بين والدك وخالك وبين غيرهما من أفراد عائلتكم عموما هو من نزغ الشيطان الذي لا يألو جهدا أن يحرش بين المسلمين ليوقع العداوة والبغضاء بينهم, وينبغي على المسلم أن يكون على بصيرة من أمر عدوه فلا يدع نفسه ينزلق في خطوات الشيطان ومكائده, فإن فساد ذات البين من الأمور العظيمة التي تذهب الدين والمروءة خصوصا عندما تكون بين الأرحام والأقارب, فعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى، قال صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين. رواه الترمذي وصححه الألباني, وحذر صلى الله عليه وسلم من هجر المسلم فقال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض ‏هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام‏. رواه البخاري.

وجاء في سنن أبي داود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار. صححه الألباني. بل قد جاء وعيد شديد فيمن هجر أخاه سنة فقد روى أحمد وأبو داود وغيرهما أن رسول الله صلى الله ‏عليه وسلم: قال من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه. صححه الألباني.

جاء في فيض القدير أي مهاجرته سنة توجب العقوبة، كما أن سفك دمه يوجبها، والمراد اشتراك الهاجر والقاتل في الإثم لا في قدره، ولا يلزم التساوي بين المشبه والمشبه به. ومذهب الشافعي أن هجر المسلم فوق ثلاث حرام إلا لمصلحة كإصلاح دين الهاجر أو المهجور أو لنحو فسقه أو بدعته. انتهى

فعليك بنصح جميع الأطراف أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم، وألا يضيعوا ما بينهم من حقوق الرحم، وقد قال الله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ {النساء:1} أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها. فإن قطعها من أعظم المحرمات، لقوله سبحانه:  فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وتقطعوا أرحامكم أولَئكَ الَّذِينَ لَعنهم الله فأصمهمْ وأعمى أبصارَهُمْ {محمد:22،23} وليس الواصل الذي يصل من وصله، ويحسن إلى من أحسن إليه فحسب، فهذا مكافأة، وإنما الواصل الذي يصل من قطعه، ويحسن إلى من أساء إليه، روى البخاري وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
أما ما أقدم عليه أخوك عندما تزوج بابنة خاله دون موافقة أبيه، فهذا وإن كان خلاف الأولى، إلا أنه لم يظلم أباه عندما فعل ذلك خصوصا إذا ترتب على عدم زواجه منها ضرر, وكذا خالك الذي زوجه ابنته لم يبغ على حق من حقوق أبيك، بل إن والدك هو الذي جانبه الصواب عندما رفض زواج ابنه ممن يريد، فإن هذا حق للابن، ولا يجوز للأب أن يمنعه منه إلا بسبب شرعي معتبر كأن يريد الزواج ممن لا يرتضى دينها أو خلقها.

وأما أختك التي نشأت في بيت عمها فعليكم أن تعلموها بحقيقة نسبها الذي تحاول زوجة عمك أن تخفيه عنها, فإنه يحرم على الشخص أن ينتسب لغير أبيه، ويحرم على غيره أن يعينه على ذلك. ولا شك أن مقامها في بيت أبيها وسط إخوتها أولى من بقائها في بيت عمها، فإذا انضم لذلك أن أباها يطلب رجوعها لبيته فهنا يجب عليها الرجوع.

والله أعلم.

 

www.islamweb.net