الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحديث النهي عن صيام يوم السبت قد تكلم فيه جمع من جهابذة السنة وأئمة النقد حتى قال مالك نجم السنن: هذا كذب. وقال الإمام أحمد: وكان يحيى بن سعيد يأبى أن يحدثني بهذا الخبر. وقال الإمام الأوزاعي رحمه الله: لم نزل نكتمه حتى انتشر.
وقال الإمام أحمد: الأحاديث كلها مخالفة لحديث عبد الله بن بسر. ومن صححه من العلماء فإنه يحمل النهي الوارد فيه على الكراهة، وتزول الكراهة بصوم يوم قبله أو يوم بعده، كما تزول الكراهة إذا كان في الصيام مصلحة راجحة، كما بين ذلك ابن القيم في تهذيب السنن، فمن كان يصوم يوما ويفطر يوما فهذا صيام داود عليه السلام، وهو أفضل الصيام، فلا حرج عليه في إفراد السبت بالصيام لتحصيل هذه المصلحة الراجحة، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 79925.
فإذا كان من عادتك أنك تصوم يوما وتفطر يوما فلا حرج عليك في إفراد السبت بالصيام، وإذا لم يكن صيام يوم وفطر يوم من عادتك فإفرادك السبت بالصيام مكروه عند بعض أهل العلم ممن يرون صحة الحديث.
وأما من يرى ضعفه فليس إفراد السبت بالصوم مكروها عنده، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، والأحوط الخروج من الخلاف، وألا يصام يوم السبت إلا مع يوم قبله أو يوم بعده إلا لمصلحة راجحة، كأن يصادف يوم عرفة أو عاشوراء ونحو ذلك، أو كان المرء يصوم صيام داود عليه السلام.
وننبهك إلى أن المداومة على صوم يوم وفطر يوم ليس من صوم سليمان، ولكنه صوم داود عليه السلام، وإنما تحصل على هذا الأجر إذا كنت تداوم على هذا الفعل.
نسأل الله أن يرزقنا وإياك العلم النافع والعمل الصالح.
والله أعلم.