الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالبداية مع أمثال هؤلاء لا بد أن تكون عن الإيمان بالله تعالى والإيمان باليوم الآخر، والبراهين الدالة على ذلك مع بيان حقيقة الحياة الدنيا وقدرها، فإنها لو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء، فإن هم عرفوا ذلك قادهم لفهم قضية الغاية من خلق السموات والأرض، والحياة والموت، وهي الابتلاء والامتحان، ليميز الله الخبيث من الطيب.
ومن جملة هذا الامتحان الذي خُلق الإنسان من أجله ما يحصل لأطفال غزة، وغيرها من أنواع الآلام، وفي ذلك حكم كثيرة منها: تمييز المؤمن الذي يهب لامتثال أمر الله بنجدة وإعانة أمثال هؤلاء الأطفال ومن في حكمهم من الاستضعاف من المنافق الذي لا يعنيه إلا نفسه فلا يمتثل لله أمراً ولا يعرف للناس حقاً، قال الله تعالى: ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ* سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ* وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ {محمد:4-5-6-7}، وقال سبحانه: وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا {النساء:75}، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 75978، 13270، 94560، 110965، 75468، 74500، 117638.
وأما توضيح صورة الإسلام وبيت المقدس للغرب وهل يعتبر جهاداً في سبيل الله؟
فالجواب: نعم، يعتبر هذا نوعاً من الجهاد، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 117735 وما أحيل عليه فيها.
وأخيراً ننبه السائل الكريم على أن معاملة هؤلاء الملحدين وحتى الفاسقين من المسلمين، ينبغي أن تكون في حدود بيان الحق لهم ودعوتهم إليه، ولا تتعدى إلى مرحلة الصحبة والخلة، فالمرء على دين خليله، والصاحب ساحب، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 114256.
والله أعلم.