الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، وبعد:
أخي السائل -وفقك الله لكل خير-: اعلم أن الأمر الذي سألت عنه أمر عظيم، يتعلق بركن من أركان الإسلام، ألا وهو الصلاة.
والذي يظهر من سؤالك: أنك تداوم عليها أحيانًا، وتقطعها أحيانًا أخرى، وأمر الصلاة عظيم، فلا يجوز لمسلم أن يتهاون في مثل هذا الركن العظيم.
ولتعلم -بارك الله فيك- أن الصلاة هي العهد الذي بيننا وبين المشركين، من تركها، فقد كفر.
وقد أمر بها الأنبياء والرسل قبلنا، على اختلاف قد يكون في الهيئة، وكذلك الملائكة أمرت بها، فأمر مثل هذا، يؤمر به الرسل، وتؤمر به الملائكة، وتؤمر به أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، أمر عظيم جدًّا.
ويأتي الوعيد الشديد في كتاب الله لمن تهاون فيها، أنه من المنافقين، وفي السنة أن الصحابة يقولون: ولقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة "العشاء، والفجر" إلا منافق معلوم النفاق.
وقد كان السلف يحافظون على هذه الشعيرة العظيمة، حتى إنهم كانوا يتواصون بالمحافظة على تكبيرة الإحرام، ويعزّي بعضهم بعضًا، إذا فاتت أحدهم الصلاة.
ولم يكن الترك الكلي للصلاة موجودًا عندهم؛ لأهمية، وعظم الصلاة في نفوسهم.
وإذا نزلت بأحدهم حاجة، توضأ، ودخل محرابه يناجي ربه؛ ليقضي له حاجته، فلم يكونوا ليقطعوا هذا الأمر الذي بينهم وبين الله.
ولكن -للأسف- لما ضعف الإيمان في قلوبنا، وذهب خوف الله من نفوسنا، وتمنينا أماني، ولم نعمل، كانت هذه حالنا، وأصابنا الضيق، والنكد في الدنيا، وعدم التوفيق للخير -نسأل الله العافية-.
فوصيتنا لك -أخانا الكريم-: تقوى الله، ومراقبته، ولتعلم أن الله هو الذي أمرك بالمحافظة على الصلاة، وأن تركك لها ترك لأوامر الله، فلتحاسب نفسك، ولتتب إلى الله، ولتستغفر لما مضى، لعل الله أن يغفر لك، ويعينك، قال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا {مريم:59-60}.
والله أعلم.