الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الشماتة بالمسلمين والفرح بما ينزل بهم من بلاء أو مصيبة لا يجوز – حتى وإن أساءوا - فإنه مناف للأخلاق الكريمة، والشيم المرضية التي أمر الله عباده بها, ولا يتصف بذلك من كمل إيمانه وقوي يقينه بربه.
ولكن هذا الفعل – مع قبحه – لا يخرج صاحبه عن دائرة الإيمان، لأنه من نواقص الإيمان وليس من نواقضه, وقوله – صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. ليس المراد به نفي الإيمان عمن لم يحصل هذه المرتبة, بل المراد به نفي كمال الإيمان وتمامه.
جاء في شرح النووي على صحيح مسلم: قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: وهذا قد يعد من الصعب الممتنع وليس كذلك، إذ معناه لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الاسلام مثل ما يحب لنفسه، والقيام بذلك يحصل بأن يحب له حصول مثل ذلك من جهة لا يزاحمه فيها بحيث لا تنقص النعمة على أخيه شيئا من النعمة عليه وذلك سهل على القلب السليم، وانما يعسر على القلب الدغل عافانا الله وإخواننا أجمعين والله أعلم. انتهى.
فجاهدي أيتها السائلة نفسك في هذا، وعوديها خلق العفو والصفح عمن أساء وأخطأ, وكفيها عن الشماتة بالمسلمين, وتذكري ما حدث من أهل النفاق، بل ووقع فيه بعض بعض الصحابة من الخوض في عرض أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وعندما همّ أبو بكر أن يمنع الخير عن بعضهم عاتبه الله سبحانه بقوله: وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. {النور: 22}
ومن الأدوية المفيدة في علاج مثل هذه الأمراض – بعد التضرع إلى الله والإلحاح عليه أن يكشف السوء - أن تواظبي على صوم ثلاثة أيام من كل شهر فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بما يذهب وحر الصدر ؟ صوم ثلاثة أيام من كل شهر. رواه النسائي وصححه الألباني.
جاء في فيض القدير. وثلاثة أيام من كل شهر يذهبن وحر الصدر، محركا: حقده أو غيظه أو نفاقه بحيث لا يبقى فيه رين، أو العداوة أو أشد الغضب. انتهى.
والله أعلم.