الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد
فجمهور العلماء على طهارة سؤر الكافر كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 79656. وليس هذا الحديث من أدلتهم، بل هو مما استدل به القائلون بنجاسة سؤر الكافر وهم الظاهرية ورواية عن أحمد، وقد بين الشوكاني -رحمه الله- وجه دلالة الحديث على القول بالنجاسة وأجاب عنه مرجحاً قول الجمهور، قال -رحمه الله- في نيل الأوطار: قوله إن المسلم تمسك بمفهومه بعض أهل الظاهر وحكاه في البحر عن الهادي والقاسم والناصر ومالك وقالوا: إن الكافر نجس عين، وقووا ذلك بقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ. وأجاب عن ذلك الجمهور بأن المراد منه أن المسلم طاهر الأعضاء لاعتياده مجانبة النجاسة بخلاف المشرك لعدم تحفظه عن النجاسة، وعن الآية بأن المراد أنهم نجس في الاعتقاد والاستقذار، وحجتهم على صحة هذا التأويل أن الله أباح نساء أهل الكتاب، ومعلوم أن عرقهم لا يسلم منه من يضاجعهن، ومع ذلك فلا يجب من غسل الكتابية إلا ما يجب عليه من غسل المسلمة. ومن أجوبة الجمهور عن الآية ومفهوم حديث الباب بأن ذلك تنفير عن الكفار، وإهانة لهم، وهذا وإن كان مجازاً فقرينته ما ثبت في الصحيحين من أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من مزادة مشركة، وربط ثمامة بن أثال وهو مشرك بسارية من سواري المسجد، وأكل من الشاة التي أهدتها له يهودية من خيبر، وأكل من الجبن المجلوب من بلاد النصارى؛ كما أخرجه أحمد وأبو داود من حديث ابن عمر، وأكل من خبز الشعير والإهالة لما دعاه إلى ذلك يهودي. ولم ينقل توقي رطوبات الكفار عن السلف الصالح ولو توقوها لشاع. انتهى بتصرف.
والله أعلم.