الهفوات في حق الوالدين مغتفرة

12-4-2009 | إسلام ويب

السؤال:
أنا فتاة أحب أمي كثيرا، حكايتي هي أنني قررت الدراسة في الجامعة في منطقة أخرى تبعد عنا ساعة ونصف فرفضت أول الأمر، ولكن رفضتني الكلية في منطقتي فاضطررت للتقديم قي المنطقة التي تبعد ساعة ونصف فوافقت علي الجامعة، ذهبت إلى هناك للدراسة بعيدا عن أمي حيث مرضت أمي في نفس فترة بداية دراستي، والسبب أن شخصا أصابها بعين حادة جدا سببت لها الكثير من التعب، وبعد عامين أصيبت بمرض السرطان فطويت قيدي لأجلها، حاولت أن أخفف من ألمها، وبعد أن انتهت فترة طي القيد اضطررت للعودة لإكمال الدراسة وهي في فترة تأخذ الكيماوي ولم أكن معها حينها، وأنا على اتصال دائم معها بالهاتف وأزورها بين وقت وآخر قدر استطاعتي، وحاولت من أهلي الموافقة على قدومي بالقطار فرفضا كليهما, حتى وصلت لمراحل العلاج الهرموني فاطمأننت أنها بخير، وبعد ذالك أصيبت بألم في ظهرها وقالت إنها شد عضلي فذهبت معها خادمة تقوم على رعايتها لأنها تعاني من الألم، وعند قدومي في الإجازة تذهب تلك الخادمة،بعدها شفيت من ظهرها ،وبعد فترة لاحظت تعبها وانشغالها عني ولكني ظننت أنه تعب وأثر العين التي سببت لها الألم ولم أفكر بشيء آخر غير ذلك، وفي يوم ما اتصلت بها وشعرت أن هناك خطبا بها فقدمت إلى البيت وهي تتألم فبقيت معها حيث لم يبق على تخرجي سوى شهر، فطلبت مني أن أطوي قيدي في الدراسة، فقلت لها: لم يبق سوى شهر وأبقى فسكتت وبقيت يومين عندها، ولما ذهبت معها للمستشفى علمت بأن المرض قد انتشر وخبأت عني ذلك طوال الوقت فحزنت ولم أعرف ما أفعل حيث كان عندي امتحانات نهائية بالجامعة بعد هذين اليومين فذهبت للمنطقة التي أدرس بها فطلبت من أهلي أن يجدوا لي حلا حتى أبقى معها، وبعد يوم تمت الموافقة من الجامعة تقديرا لظروفي وبعد قدومي لها تعبت تعبا شديد وبقيت ساعات قليلة معها، أدخلت العناية المركزة وكنت آتيها كل يوم بالمشفى وبعدها توفيت، علما بأني أقوم بها وأرضيها قدر استطاعتي، وقد تحدث مشاكل بيني وبينها ولكن من باب النصح، علما بأني ابنتها الكبرى وإخوتي أولاد وأختي صغيرة وهي بعيدة عن أهلها ، أنا الآن أفتقدها وأتألم لفقدي لها، وأشعر بالوحدة في هذه الدنيا بعدها.
أود أن أسأل هل أنا عاقة لها، أو مقصرة في حقها؟ وماذا أفعل؟ وأشعر بتأنيب الضمير تجاهها وقد حاولت أن أنهي دراستي بالسرعة الممكنة لأعود لها .هل أنا عاقة لها أم لا؟
أرجو الرد سريعا؟ فانا أخاف الله وعقابة في أمور حياتي كلها؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

ففي ضوء ما ذكرت لنا من حالك مع أمك لا يظهر لنا العقوق، ولا أنك قد قصرت في حقوقها عليك، وأما ما ذكرت من بعض الهنات التي كانت بينك وبينها على سبيل النصح فليس هذا من العقوق حتى ولو حصل منك بعض التجاوز في بعض الأحيان طالما أنك تبرين بها وتحسنين إليها، فقد قال سبحانه: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا. {الإسراء: 25}.

قال القرطبي عند تفسيره لهذه الآية: وقال ابن جبير: يريد البادرة التي تبدر، كالفلتة والزلة، تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما، لا يريد بذلك بأسا، قال الله تعالى: إن تكونوا صالحين. أي صادقين في نية البر بالوالدين فإن الله يغفر البادرة. وقوله: (فإنه كان للأوابين غفورا) وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة.

ومع هذا فما زالت هناك فرصة للتكفير عما عساه قد حدث منك من تقصير في حق والدتك وذلك بالمداومة على الدعاء لها، والإحسان إليها بالصدقة، وإكرام أصدقائها، وصلة أرحامها، فإن ذلك من البر الذي لا ينقطع بوفاتها، فقد روى أبو داود وابن ماجه عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي- رضي الله عنه- قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما.

والله أعلم

www.islamweb.net