الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دمت – أيتها السائلة - على الصراط المستقيم, وعلى المعتقد السليم, من عقيدة السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين, فإن ما يحدث لك من اطلاع على بعض الأمور الغائبة الخفية، أو وقوعها على وفق ما أخبرت به لهو من علامات الخير إن شاء الله .
وهذا لا ينافي انفراد الله سبحانه وحده بعلم الغيب, فالغيب المطلق لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى، ولكن قد يكشف الله تعالى لبعض الناس عن بعض الغيب وخاصة من هم من أهل الصلاح والتقوى، هذا فضلاً عما يطلع عليه أنبياءه بطريق الوحي.
فقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدَّثون، وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فهو: عمر بن الخطاب.
والمحدثون: الملهمون، الذين يجري الله تعالى على ألسنتهم بعضاً من المغيبات كأنما حدثوا بها.
ومن ذلك الرؤيا الصادقة التي تحصل لبعض الناس، فيرى بعضهم شيئاً من المغيبات، وبعد فترة تتحقق الرؤيا كما أخبر، وهذا مشاهد في كل زمان ومكان.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة. رواه البخاري ومسلم.
وهذا كله يجري مجرى الكرامة للعبد الصالح، فلا بد لصاحبه أن يكون تقياً صادقا في حديثه متحرياً الحلال في مطعمه ومشربه وملبسه.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً. رواه مسلم.
وبعض هذه الأمور يكون بالملكة والفطنة والتأمل والفراسة، كما قال تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ.{الحجر:75}. أي المتفكرين الناظرين المعتبرين.
وقد حصل كثير من هذا لكثير من السلف الصالح، مثل الإمام مالك، والشافعي، ومحمد بن الحسن, وقد بينا طرفا من هذا في الفتويين: 25660, 8138.
والله أعلم.