الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان المقصود بتعدد النوايا والمقاصد في السؤال أن يعمل المسلم العمل يقصد به وجه الله وثناء الناس، أو غير ذلك، فهذا محبط للعمل على تفصيل كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 13997.
وأما إن كان المقصود بتعدد النوايا هو أن يقوم بعمل وينوي به تحصيل أكثر من أجر بهذا العمل كمن يتصدق وينوي أن يكون بالصدقة في ظل عرش الرحمن، وأن يصل بها رحمه، وأن يكسو بها مسلما أو يطعم بها جائعا، وأن يتداوى بها، وأن يفرج بها عن مكروب حتى يفرج الله عنه كربات الدنيا والآخرة ...إلى آخر هذه النيات الحسنة، فهذه النوايا مما يثاب عليها المسلم، ويجوز تعددها في العمل الواحد، وليس لها عدد محدود ما دامت في حدود المشروع من النوايا.
بل إن النية الحسنة تجعل العمل المباح قربة يؤجر عليها المسلم، ففي قصة تحاور أبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما في كيفية قراءتهما للقرآن، قال معاذ: أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ وَأَرْجُو فِي نَوْمَتِي مَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي. رواه البخاري ومسلم
قال النووي في شرح صحيح مسلم: مَعْنَاهُ: أَنِّي أَنَام بِنِيَّةِ الْقُوَّة وَإِجْمَاع النَّفْس لِلْعِبَادَةِ وَتَنْشِيطهَا لِلطَّاعَةِ, فَأَرْجُو فِي ذَلِكَ الْأَجْر كَمَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي, أَيْ: صَلَوَاتِي .
وقال ابن حجر في فتح الباري: وَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ يَطْلُب الثَّوَاب فِي الرَّاحَة كَمَا يَطْلُبهُ فِي التَّعَب, لِأَنَّ الرَّاحَة إِذَا قُصِدَ بِهَا الْإِعَانَة عَلَى الْعِبَادَة حَصَّلَتْ الثَّوَاب .
وقال ابن قدامة في مختصر منهاج القاصدين: قال بعض السلف: إني لأستحب أن يكون لي في كل شيء نية، وحتى في أكلي وشربي ونومي ودخولي الخلاء، وكل ذلك مما يمكن أن يقصد به التقرب إلى الله تعالى، لأن كل ما هو سبب لبقاء البدن وفراغ القلب من مهمات الدين، فمن قصد من الأكل التقوى على العبادة، ومن النكاح تحصين دينه، وتطييب قلب أهله، والتوصل إلى ولد يعبد الله بعده، أثيب على ذلك كله.
ومن الكتب المفيدة في مسألة النية التي ننصح بقراءتها كتاب: مقاصد المكلفين للدكتور عمر الأشقر فهو مفيد جدا في بابه.
ولمزيد من الفائدة حول هذا الموضوع راجع الفتاوى التالية: 98119، 11048، 97835.
والله أعلم.