الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالزوجة والبنات يرثن من الدور الأول والثاني قطعا، وأما الثالث والرابع فينبنى تحديد إرثهن منهما على نوع مساعدة الابنين لأبيهما في البناء، فإن كان ذلك على سبيل الهبة فإنه ليس لهما إلا نصيبهما الشرعي من الميراث، والزوجة والبنات يرثن من الطابقين الثالث والرابع كما يرثن من الأول والثاني. وأما إذا ساعداه في البناء على أنهما شريكان له فيه، فإن الزوجة والبنات لا يرثن إلا مما كان ملكا للأب في حياته ولا يرثن من نصيب الابنين.
والحاصل أن الأدوار التي بناها الابنان في حياة أبيهما- الثالث والرابع- لها حالان:
الأولى: أن يقيم الابنان بينة بأن الأب وهب لهما الهواء وملكهما إياه، فإنهما يكونان ملكا للابنين على قول جمهور أهل العلم الذين يجيزون التفضيل بين الأبناء في الهبة، والمفتى به عندنا أنه إذا لم يعط الأب بقية الأولاد ما يتحقق به العدل في العطية فإن هبة الهواء باطلة.
هذا ومما يجب أن يعلم أن مجرد إذن الأب لابنه في البناء لا يعتبر تمليكا. نقل المواق في التاج والاكليل عن ابن مزين أنه قال:
من قال لابنه اعمل في هذا المكان جنانا أو ابن فيه دارا، ففعل الابن في حياة أبيه، وصار الأب يقول جنان ابني، فإن القاعة لا يملكها الابن بذلك وتورث عن الأب، وليس للابن إلا قيمة عمله منقوضا.
الثانية: أن لايقيم الابنان بينة على أن والدهما ملكهما الهواء، فيكون لهما قيمة البناء منقوضا، ويحق للورثة المطالبة بهدم تلك الأدوار، ولهم أن يصطلحوا كأن يدفعوا لهما قيمتها قائمة ويشاركونهما فيها، ولا شك أن هذا أولى، لأن المطالبة بالهدم قد تكون متعذرة، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 65439، 32937، 110480.
والله أعلم.