الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه الدعوة إن كانت على سبيل الطلب والسؤال للداعي ولفلان المذكور فيها، أن يجمعهما الله في الجنة، فلا حرج، ولا يعدو معناها سؤال الجنة للداعي ولفلان هذا، وأن يجمعهما الله بها، فليس فيها تزكية بهذا المعنى.
وأما إن كانت على سبيل الجزم لفلان بأنه من أهل الجنة ثم سؤال اللحاق والاجتماع به، ففيها تزكية له، وفيها تعدٍ واضح، فإن الجنة وإن كانت ترجى للمؤمن إلا إنه لا يقطع له بها، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 69593.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة فليقل: أحسب فلانا والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحدا. رواه الشيخان.
وقال الطحاوي في عقيدته: نرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته، ولا نأمن عليهم، ولا نشهد لهم بالجنة. انتهـى. وراجع لمزيد الفائدة عن ذلك الفتوى رقم: 23025.
والأولى أن يعمم الداعي فيسأل اللحاق بالصالحين جملةً، كما في دعاء الخليل إبراهيم عليه السلام: رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ. {الشعراء:83}. ودعاء نبي الله يوسف عليه السلام: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ. {يوسف:101}.
وبذلك دعا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقال: اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين. رواه أحمد، وصححه الألباني.
ثم لا شك أن أفضل هؤلاء الصالحين هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فمن علو الهمة في الدعاء أن يسأل العبد مرافقته في الجنة، كحال ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه، فقد كان يبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه بوضوئه وحاجته فقال له: سل. فقال: أسألك مرافقتك في الجنة. رواه مسلم.
وكما في دعاء عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: اللهم إني أسألك نعيما لا يبيد، وقرة عين لا تنفد، ومرافقة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى الجنة جنة الخلد. رواه أحمد، وحسنه الألباني.