الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكر ابن الجوزي في بستان الواعظين أن المؤمنين تتلاقى أرواحهم واستدل لذلك بالحديث: إذا عرج بروح المؤمن تلقته أرواح المؤمنين بالرحمة والبشرى كما يتلقى الغائب في الدنيا، ثم يقبلون عليه فيسألونه فيقولون ما فعل فلان وما حاله.. وهذا الحديث أخرجه النسائي وابن حبان والحاكم، وصححه الألباني.
وهو يدل على أن المؤمنين تتلاقى أرواحهم ويتحدثون فيما بينهم، وأن الميت تستقبله أرواح المؤمنين وأنه يحدثهم عن أهل الدنيا.
وأما إرسال السلام مع الميت إلى الموتى فلم يكن معروفاً من هدي السلف، وإنما يعرف عنهم زيارة الأحياء للقبور والسلام على أهلها والدعاء لهم بالرحمة والغفران، وليس عندنا ما يمنع هذا الأمر ولا نستبعد أن ينقل الميت السلام لمن يلقى أرواحهم إذا أوصي بذلك وقت الاحتضار، ولكن الأولى بالمسلم أن يتبع هدي السلف ويكثر الدعاء والاستغفار للموتى والتصدق عنهم فلو كان في إرسال السلام خير لسبقونا إليه، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23015، 4276، 69048، 72270.
هذا وننبه إلى أن الظاهر أن شغل المحتضر -وهو يعالج سكرات الموت- بتحميله السلام إلى من سيلقاهم من الموتى أمر لا ينبغي أن يختلف في الزجر عنه لما فيه من شغله عن التركيز على الموت على التوحيد.
والله أعلم.