الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان من مقتضى عمله إشرافه عليك والوقوف على أخطائك في العمل والإبلاغ عنها فلا حرج عليه في ذلك، بل يلزمه إعلام مديره بتلك الأخطاء لتصويبها والنظر في شأنها.
وأما إذا لم يكن ذلك من عمله فلا يجوز له أن يتجسس عليك ويترصد أخطاءك، ويشي بك إلا إذا رأى خطأ قد يضر بالعمل، فله حينئذ أن ينصحك أولا لتكف وتصلح من خطئك، فإن لم ترتدع فله إبلاغ الجهة المسؤولة، وراجع الفتوى رقم: 65124.
وأما ما أعطيته من هدايا ليتغاضى عن أخطائك فهو رشوة محرمة وغلول فلا يجوز له أخذها، ولك حق المطالبة بها؛ لأنها باطلة شرعا، كما تجب عليك التوبة إلى الله عز وجل من ذلك. وانظر الفتاوى رقم: 37434، 5794.
وننبه إلى أن الله تعالى قد حرم أكل أموال الناس بالباطل، فحرم الربا ولعن آكله وتوعده بالحرب، وحرم الرشا ولعن الراشي والمرتشي وفي رواية والرائش بينهما، وحرم هدايا العمال وسماها غلولا، وحرم السرقة ورتب عليها قطع اليد وهكذا، ثم إنه صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه الإمام أحمد. وقال: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
فأموال الناس معصومة كأعراضهم ودمائهم، فكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه، كما في الحديث الصحيح.
فعلى من يتقحم تلك النواهي ويأكل أموال الناس بالباطل أن يعلم أنه سيرد ما أخذ إن عاجلا وذلك خير له، أو آجلا حين لا درهم ولا دينار، إنما هي حسنات وسيئات، وهو يومئذ أحوج ما يكون إلى حسنة بل نصف حسنة أو أقل. فليتق الله وليتحلل من مظالم الناس قبل فوات الأوان، فاليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل.
والله أعلم.