الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فرؤية الله تعالى في الدنيا جائزة عقلاً، إلا أنها غير واقعة شرعاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: تعلمون أنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وصححه الألباني.
قال النووي رحمه الله في شرحه على مسلم: اعلم أن مذهب أهل السنة بأجمعهم أن رؤية الله تعالى ممكنة غير مستحيلة عقلاً، وأجمعوا أيضاً على وقوعها في الآخرة، وأن المؤمنين يرون الله تعالى دون الكافرين.. وقال أيضاً: وأما رؤية الله تعالى في الدنيا فقد قدمنا أنها ممكنة، ولكن الجمهور من السلف والخلف من المتكلمين وغيرهم أنها لا تقع في الدنيا.. انتهى.
وليس في هذا خلاف بين أهل السنة إلا ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلة المعراج، والصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نوراً وهو الحجاب، كما روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قد سألته -أي عن رؤيته لربه- فقال: رأيت نوراً.
وفي صحيح مسلم أيضاً من حديث أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك؟ قال: نور أنى أراه، أي: كيف أراه!.
وقد دل على أن النور هو الحجاب قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم: حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه. وسبحات وجهه، أي: نوره وجلاله وبهاؤه.
وأما موسى عليه السلام فقد دل القرآن صراحة على عدم رؤيته لله، قال تعالى: وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ {الأعراف:143}، فدلت الآية على أن موسى عليه السلام صعق فلم ير ربه.
وأما آدم عليه السلام فلا نعلم دليلاً على رؤيته لله، ولا يلزم من تعليم الله له الأسماء وتلقي آدم من ربه للكلمات أن تكون الرؤية قد وقعت له بالضرورة، وراجع للمزيد في ذلك الفتوى رقم: 101268.
والله أعلم.