الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث المذكور لم نجده مروياً بهذا اللفظ، وإنما لفظه كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا.
ثم اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإتمام الصف الأول فالأول.
فعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا . فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا ؟ قَالَ : يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ ، وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ . رواه مسلم.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَتِمُّوا الصَّفَّ الْمُقَدَّمَ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ ، فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّر. رواه أبو داود.
فإذا ترك الناسُ فُرجة في الصف المقدم، فقد قصروا في اتباع هذا الهدي النبوي، وينبغي لمن رأى تلك الفرجة أن يبادر بسدها، فإن تراخى الشخصُ الذي الفرجة أمامه في سدها فليسدها غيره، ولا حرج في ذلك، بل له بذلك الأجر والمثوبة لامتثاله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإتمام الصف المقدم، ويحصلُ له بذلك إن شاء الله أجرُ فضيلة الصف المقدم.
وقد نص كثيرٌ من الفقهاء على أن تخطي الرقاب يوم الجمعة لسد فُرجة في الصف جائز، لأجل أن من تركوا الفرجة همُ المفرطون بتركها فلا حق لهم، فهاهنا أولى .
وقال النووي في المجموع:
وإن رأى فرجة قدامهم, لا يصلها إلا بالتخطي، قال الأصحاب: لم يكره التخطي، لأن الجالسين وراءها مفرطون بتركها. انتهى.
وقال الحافظ في الفتح:
قال الشافعي : أكره التخطي إلا لمن لا يجد السبيل إلى المصلى إلا بذلك. اهـ .
وهذا يدخل فيه الإمام ،ومن يريد وصل الصف المنقطع إن أبى السابق من ذلك، ومن يريد الرجوع إلى موضعه الذي قام منه لضرورة.
والله أعلم.