الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فينبغي النظر في الدوافع التي تحمل الأهل على رفض الخطاب, فإن كانت بسبب واضح معتبر كأن كان هؤلاء الشباب ليسوا أكفاء لبناتهم, فلا حرج على الأهل في رفضهم بل رفضهم هو الصواب لأن الكفاءة مطلوبة في النكاح، واعتبارها بالدين والخلق على الراجح من أقوال أهل العلم, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 112184.
أما إذا كانت دوافع واهية لأسباب غير معتبرة شرعا فهذا لا يجوز، وردّ الخطاب حينئذ ظلم كبير لبناتهم وهذا هو العضل المحرم الذي يقدح في دين المرء وعدالته، ويسقط ولايته على المرأة, وله آثار عديدة سيئة, سبق بيان بعضها في الفتوى رقم: 71454 .
ويجوز للمرأة حينئذ – في حال العضل – أن ترفع أمرها للقاضي ليجبر وليها على تزويجها بالكفء الذي تريده أو يزوجها هو دونه، وقد بينا هذا بالتفصيل في الفتاوى التالية أرقامها: 79908 ،78962 .
من هنا يظهر أن ما يعتذر به أهلكن في ردهم للخطاب عذر واهٍ بل هو- على الحقيقة - ليس بعذر أصلا، فإن الجهل بحال هؤلاء الخطاب يمكن إزالته بالسؤال عنهم سواء بسؤال جيرانهم، أو أصدقائهم، أو زملائهم في العمل ونحو ذلك كما جرت بذلك العادة.
أما سؤال السائلة عن الزواج وهل يمكن لأحد أن يتدخل في منعه أو تعجيله, فنقول : الزواج شأنه شأن سائر الأمور، ومن المعلوم أن كل كائنة في الكون إنما تجري بقضاء الله وتقديره ومشيئته, ولكن هذا شيء لا ينافي الأخذ بالأسباب, وقد بينا في الفتوى رقم: 80191 أن كون الزواج بقدر الله لا ينافي السعي إليه بأخذ الأسباب. فلا ينبغي لأحد أن يترك الأسباب اعتمادا على قدر الله, لأن من يفعل هذا فهو إما جاهل أو مختل أو معاند.
والله أعلم.