الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد نص الفقهاء على أن من يكثر منه الشك في الصلاة بحيث يصير وسواساً فعلاجه أن يعرض عن هذا الشك، وألا يلتفت إليه، والمشهور عند المالكية أنه يستحب له سجود السهو، قال في مواهب الجليل: يعني أن من استنكحه الشك في الصلاة أي داخله وكثر منه فإنه يسجد بعد السلام ويلهو عن الشك أي فلا يصلح ما شك فيه ولو شك في الفرائض، قال في النوادر في ترجمة السهو عن القراءة ومن العتبية من سماع أشهب: ومن شك في قراءة أم القرآن فإن كثر هذا عليه لها عن ذلك، وإن كان المرة بعد المرة فليقرأ، وكذلك سائر ما شك فيه. وقال بعد ذلك في ترجمة من يكثر شكه: روى علي بن زياد عن مالك فيمن استنكحه السهو فظن أنه لم يتم صلاته فلا شيء عليه، ودليله على ذلك قال عنه ابن نافع: ولا يسجد له. قال في المختصر: ولو سجد بعد السلام كان أحب إلينا قاله عنه ابن نافع في المجموعة. انتهى.
وقال العلامة العثيمين رحمه الله: إذا شك في تركه، فهو لا يخلو من ثلاث حالات:
إما أن يكون هذا الشك وهماً لا حقيقة له، فهذا لا يؤثر عليه، يستمر في صلاته ولا يلتفت إلى هذا الشك.
- أن يكون هذا الشك كثيراً معه كما يوجد في كثير من الموسوسين -نسأل الله لنا ولهم العافية- فلا يلتفت إليه أيضاً، بل يستمر في صلاته حتى لو خرج من صلاته وهو يرى أنه مقصر فيها فليفعل ولا يلتفت إلى هذا الشك. انتهى.
ولم يفرق أحد من الفقهاء فيما نعلم بين من كان يصلي منفرداً أو في جماعة، بل حكمهما واحد وإن كان من يصلي منفرداً آثم لتركه الجماعة، على القول بوجوبها وهو المفتى به عندنا، هذا عن حكم مسألتك.
ولكننا قبل أن نختم الجواب نحبُ أن نتوجه إليك بالنصح، فإن تكاسلك عن أداء الجماعة، وتهاونك في فعلها مع اعتقادك لوجوبها مما يؤسف له، ويخشى عليك أن تكون معرضاً نفسك بسببه لغضب الله عز وجل، وحسبك أن النبي صلى الله عليه وسلم هم بتحريق بيوت المتخلفين عن الجماعة، ولم يأذن للأعمى في التخلف عنها، وقد كان الرجل من السلف يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف، فنحن نعيذك بالله من أن تصر على تركها مع اعتقادك لوجوبها، وأنت صحيح سليم البدن.
ثم اعلم أن من بركات حفاظك على الجماعة أنها تطرد عنك هذا الوسواس فتخرج من صلاتك موقناً أنك فعلتها على وجهها، غير شاك في إتمامها، لارتباط صلاتك بصلاة الجماعة. ألا فاتق الله.. واحذر سخطه وعقوبته، وحافظ على الجماعة فإن الحفاظ عليها، من سمات المؤمنين الصادقين، وهو من أعظم أسباب صلاح الدنيا والدين.
والله أعلم.