الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالربا من كبائر الذنوب، بل هو من السبع الموبقات، وصاحبه ملعون محارب لله ورسوله، مستحق للعقاب الدنيوي والأخروي، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه. وقال: ما ظهر في قوم الربا والزنا إلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله عز وجل. رواه أحمد، وحسنه الألباني.
وما ذكره السائل مما حدث له إنما هو بعض مظاهر هذا العقاب الرباني. فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الربا وإن كثر، فإن عاقبته تصير إلى قل. رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني.
ولكن من تاب تاب الله عليه، فقد قال تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا {النساء: 110} وقال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر : 53} وقال صلى الله عليه وسلم : قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة. رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني.
وقد بين الله تعالى صفة التوبة من الربا بقوله: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ {البقرة: 279} فإن استطعت أن ترد على البنك رأس ماله فقط ولا تزد على ذلك فافعل، وهذا مع تحقيق بقية شروط التوبة من الإقلاع عن الذنب والندم عليه والعزم على عدم العود، وبهذا تتحقق توبتك بإذن الله، كما سبق التنبيه عليه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 18177 ، 62646. وقد سبق بيان شروط التوبة عموما في الفتاوى ذوات الأرقام التالية:5450 ، 75958 ، 29785.
وإذا كنت عاجزا الآن عن السداد فليس عليك أكثر من ذلك، وأبشر بالخير فإن الله غفور رحيم. فعليكِ ـ أخي الكريم ـ بصدق التوبة وكثرة الاستغفار والاجتهاد في الطاعات، ومن أهمها المحافطة على صلاة الجماعة لا سيما صلاة الفجر، فإن الحسنات يذهبن السيئات، كما قال تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود: 114}.
والله أعلم.