الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجب عليك ولا على أخيك دفع نفقات زواج أختك، وإنما يكون ذلك من الإحسان وصلة الرحم، واعلم أنّ راتب زوجتك حقّ لها، وإذا لم تكن قد اشترطت عليها للخروج للعمل أن تعطيك شيئاً منه فلا يلزمها ذلك إلا أن تتبرع به عن طيب نفس.
وفي خصوص ما سألت عنه، فإنه لا إثم عليك في امتناعك من دفع ما تطلبه منك أمك، ولكن الذي ننصحك به هو أن تسعى لإرضائها بما تستطيعه فإنّ برّها من أعظم القربات إلى الله.
جاء في الفروق للقرافي: قِيلَ لِمَالِكٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لِي وَالِدَةٌ وَأُخْتٌ وَزَوْجَةٌ فَكُلَّمَا رَأَتْ لِي شَيْئًا قَالَتْ : أَعْطِ هَذَا لِأُخْتِك، فَإِنْ مَنَعْتُهَا ذَلِكَ سَبَّتْنِي وَدَعَتْ عَلَيَّ. قَالَ لَهُ مَالِكٌ: مَا أَرَى أَنْ تُغَايِظَهَا، وَتَخْلُصَ مِنْهَا بِمَا قَدَرْت عَلَيْهِ أَيْ وَتَخْلُصَ مِنْ سَخَطِهَا بِمَا قَدَرْت عَلَيْهِ. أنوار البروق في أنواع الفروق.
وما عجزت عنه ممّا تطلبه منك فعليك أن تعتذر لها برفق، وتبيّن لها أن الإنسان لا يطالب بما هو فوق طاقته أو بما يضرّه، وينبغي أن تعلم أنّ مجرد زواج الرجل من ثانية ليس مسوّغاً للشقاق والفراق، ولا يجوز للزوجة أن تسعى للقطيعة بين الأب وأولاده مهما كان الخلاف بينها وبينه، بل إن ّ المرأة العاقلة تحرص على بر أولادها بأبيهم ولو كانت مطلقة منه.
وننبه إلى أنّ تزويج أختك لا يصحّ إلا عن طريق أبيها، وإذا قام غيره بتزويجها حال وجوده فالقول الراجح أنّ النكاح يكون باطلاً، إلا إذا كان الأب فاقداً لأهلية الولاية أو عاضلاً لبنته، وانظر الفتوى رقم: 32427.
والله أعلم.