الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا نوصيك في بداية الأمر أن تبذل ما استطعت من جهد لترك هذه البلاد التي تخشى على نفسك الوقوع في الفتنة بسبب الإقامة فيها، فإن الأصل أنه لا تجوز الإقامة في بلاد الكفار، فإذا غلب على ظن الإنسان وقوعه في الفتنة بسبب ذلك فهنا لا يختلف في حرمة هذه الإقامة، وراجع حكم الإقامة في بلاد الكفر في الفتاوى الآتية أرقامها: 7930، 2007، 114297.
وإن كنت لا تستطيع الرجوع إلى بلدك لظروف قهرية فيمكنك أن تختار بعض البلاد الإسلامية الأخرى للإقامة فيها، وإن كنت لا تستطيع مغادرة هذه البلاد أصلا فهنا يجب عليك أن تجاهد نفسك وأن تأخذ بأسباب السلامة من الفتن، فإذا كان الزواج من ثانية سيدفع عنك غائلة هذه الشهوات فإنه يصير واجبا عليك.
قال ابن قدامة: والناس في النكاح على ثلاثة أضرب ؛ منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء ؛ لأنه يلزمه إعفاف نفسه، وصونها عن الحرام، وطريقه النكاح. انتهى.
ولا فرق في هذا بين الزواج الأول أو الثاني، بل قد استحب بعض العلماء نكاح اثنتين ولو حصل الإعفاف بواحدة.
جاء في كتاب الإنصاف للمرداوي: ويستحب أيضا أن لا يزيد على واحدة إن حصل بها الإعفاف على الصحيح من المذهب، وقال بن الجوزي: إلا أن لا تعفه واحدة. انتهى.
وقيل: المستحب اثنان كما لو لم تعفه وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله فإنه قال يقترض ويتزوج. ليته إذا تزوج اثنتين يفلت. انتهى.
أما بخصوص الزواج من كتابية فإن الأصل فيه الجواز، ولكن بشروط سبق بيانها بالتفصيل في الفتاوى ذوات الأرقام الآتية: 323، 25840، 5315.
فإن تحققت هذه الشروط – وهذا مستبعد جدا في الواقع - فيجوز لك الزواج منها زواجا شرعيا بولي، ومهر، وشهود، ويشترط كون الشهود مسلمين، فلا تجوز شهادة غير المسلمين على زواجك هذا.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 107693. ولا يغير من هذا جميع ما ذكرته لأن الشهود ركن من أركان النكاح ولا يصح دون وجودهم.
وأما ألفاظ العقد فراجعها في الفتاوى: 116994، 95138، 80491.
والله أعلم.