الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمشروع في تقليم الأظفار ونحوه من خصال الفطرة أن لا يتجاوز بها أربعين يوما، لحديث أنس عند مسلم: وقت لنا في قص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة. ألّا نترك أكثر من أربعين يوما.
واستحب كثير من العلماء تعاهد هذه الخصال يوم الجمعة لأنه يوم اجتماع الناس للصلاة، والتنظف والتجمل فيه ممّا دلت السنة على مشروعيته، وبعضهم استحب ذلك في يوم الخميس وقيل يتخير.
قال الإمام النووي رحمه الله: وقد نص الشافعي والأصحاب رحمهم الله على أنه يستحب تقليم الأظفار والأخذ من هذه الشعور يوم الجمعة. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ولم يثبت أيضا في استحباب قص الظفر يوم الخميس حديث، وقد أخرجه جعفر المستغفري بسند مجهول، ورويناه في مسلسلات التيمي من طريقه، وأقرب ما وقفت عليه في ذلك ما أخرجه البيهقي من مرسل أبي جعفر الباقر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب أن يأخذ من أظفاره وشاربه يوم الجمعة. وله شاهد موصول عن أبي هريرة، لكن سنده ضعيف، أخرجه البيهقي أيضا في الشعب.
وسئل أحمد عنه فقال: يسن في يوم الجمعة قبل الزوال، وعنه يوم الخميس، وعنه يتخير، وهذا هو المعتمد: أنه يستحب كيف ما احتاج إليه.
وأما ما أخرج مسلم من حديث أنس: وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا يترك أكثر من أربعين يوما.
قال القرطبي في المفهم: ذكر الأربعين تحديد لأكثر المدة، ولا يمنع تفقد ذلك من الجمعة إلى الجمعة، والضابط في ذلك الاحتياج. وكذا قال النووي: المختار أن ذلك كله يضبط بالحاجة.
وقال في شرح المهذب: ينبغي أن يختلف ذلك باختلاف الأحوال والأشخاص، والضابط الحاجة في هذا وفي جميع الخصال المذكورة.
قلت أي: ابن حجر: لكن لا يمنع من التفقد يوم الجمعة، فإن المبالغة في التنظف فيه مشروع. انتهى.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي رحمه الله: ويكون ذلك أي: حف الشارب، وتقليم الأظافر، وكذا الاستحداد، ونتف الإبط، يوم الجمعة، قبل الصلاة وقيل: يوم الخميس. وقيل: يُخَيَّر. انتهى.
ولكن لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في تحديد يوم معين لقص الأظفار من أيام الأسبوع فضلا عن أن من لم يفعل ذلك في هذا اليوم تعرض لحادث، بل هذا ممّا لا شك في بطلانه، وأنه لا تجوز نسبته إلى الشريعة.
قال الحافظ السخاوي رحمه الله في موضوع قص الأظافر: لم يثبت في كيفيته ولا في تعيين يوم له عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء. انتهى.
والله أعلم.