الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسؤال يكتنفه شيء من الغموض، وعلى العموم فإن النية شرطٌ لصحة الزكاة، فمن تصدق بجميع ماله ولم ينو الزكاة لم يجزئه عن الزكاة، وانظر الفتوى رقم: 120447.
فإذا كنت دفعت المال إلى هذا الفقير، ولم تنو حال دفعه أنه زكاة، وإنما أحدثت النية بعد ذلك، فإن هذا لا يجزئك، فإن شرط النية أن تُقارن إخراج الزكاة، أو تتقدم عليه بالزمن اليسير، قال الشيرازي في المهذب: وفي وقت النية وجهان: أحدهما: يجب أن ينوي حال الدفع لأنه عبادة يدخل فيها بفعله، فوجبت النية في ابتدائها كالصلاة. والثاني: يجوز تقديم النية عليها لأنه يجوز التوكيل فيها، ونيته غير مقارنة لأداء الوكيل فجاز تقديم النية عليها بخلاف الصلاة. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: ويجوز تقديم النية على الأداء بالزمن اليسير كسائر العبادات، ولأن هذه تجوز النيابة فيها فاعتبار مقارنة النية للإخراج يؤدي إلى التغرير بماله. انتهى.
ومن أخرج المال بنية الصدقة لم يجز له أن يحسبه بعد ذلك من الزكاة، قال ابن قدامة: ولو تصدق الإنسان بجميع ماله تطوعا ولم ينو به الزكاة لم يجزئه، وبهذا قال الشافعي. انتهى.
وأما إذا كنت قد نويت بالمال الصدقة، ثم غيرت نيتك بعد ذلك، ونويت بالمال الزكاة حال دفعه إلى الفقير، أو قبله بزمن يسير، فإن ذلك يجزيك، فإن الصدقة لا تلزم بالنية، بل يجوزُ لمن نوى بماله الصدقة، أن يمسكه ما لم يقبضه الفقير، فإذا غير نيته ونوى به الزكاة لم يكن بذلك بأسٌ، قال ابن قدامة في المغني: وقد انعقد الإجماع على أن الإنسان لو نوى الصدقة بمال مقدر وشرع في الصدقة به فأخرج بعضه لم تلزمه الصدقة بباقيه. انتهى.
وقال في كشاف القناع: ومن أخرج شيئا يتصدق به أو وكل في ذلك أي الصدقة به، ثم بدا له أن لا يتصدق به استحب أن يمضيه، ولا يجب لأنه لا يملكها المتصدق عليه إلا بقبضها. انتهى.
وأما هذا المريض الذي تريد دفع الزكاة إليه، فاعلم أن نفس المرض ليس مبيحا للأخذ من الزكاة حتى يكون هذا المريض من أحد الأصناف المستحقين للزكاة، ثم إذا فُرض كونه مستحقاً للزكاة ونويت الصدقة عليه بهذا المال، فيجوزُ لك أن تغير نيتك إلى نية الزكاة عند دفع هذا المال إليه كما تقدم.
والله أعلم.