الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يخلو حال هذا المرض الذي تعاني منه زوجتك من حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون هذا المرض قد بلغ حد العيب المنفر الذي ينتفي منه مقصود الزواج من السكن والمودة، فهذا يوجب الخيار ويجيز لك فسخ النكاح, على الراجح من أقوال أهل العلم. قال ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد: والقياس أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة يوجب الخيار. انتهى.
ولكن يشترط لفسخ النكاح ألا يحصل منك رضا منه، فإن حصل منك ما يدل على الرضا بالعيب بعد اكتشافك له فقد سقط حقك في الخيار. جاء في المغني لابن قدامة: وخيار العيب ثابت على التراخي لا يسقط ما لم يوجد منه ما يدل على الرضا به من القول والاستمتاع من الزوج، أو التمكين من المرأة. هذا ظاهر كلام الخرقي. انتهى.
ويترتب على فسخه أن ترجع بمهرك على من غرَّك وكتم عنك هذا المرض. جاء في الفروع في كلام ابن مفلح عن الرد بالعيب: هل يرجع بالمهر على من غره أم لا؟ فيه روايتان. والصحيح من المذهب الرجوع عليه بالمهر، اختاره الخرقي وغيره، وقدمه في المغني. انتهى.
وأنت في حالتك هذه ذكرت أن الزوجة ووليها قد اشتركا في الكتمان وهنا يكون الرجوع على الولي وحده دون الزوجة. جاء في الإنصاف: لو وجد التغرير من المرأة والولي، فالضمان على الولي على قول القاضي، وابن عقيل، والمصنف وغيرهم لأنه المباشر. انتهى.
فإن طلقتها فإن الطلاق يقع رجعيا، والرجعية تستحق النفقة والسكنى بالمعروف, فعليك أن تنفق عليها كما كان الحال قبل الطلاق, وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 47983.
ولكن يستثنى من ذلك ما إذا كانت الرجعية ناشزا فلا نفقة لها حينئذ ولا سكنى إذا كانت حائلا -غير حامل- كما بيناه في الفتوى رقم: 37943 . فإن كانت حاملا فقد حصل خلاف بين العلماء هل تستحق النفقة أم لا؟ جاء في الفروع: وهل نفقة الحامل له أو لها لأجله؟ فعنه: لها، فلا تجب لناشز، وحامل من شبهة وفاسد، وملك يمين، وتجب مع رق أحد الزوجين، وعلى غائب، ومعسر، ولا ينفق بقية قرابة حمل. وعنه: له، فتنعكس الأحكام. انتهى.
والراجح أن الرجعية الحامل تستحق النفقة ولو كانت ناشزا لأن النفقة للحمل على الصحيح من أقوال أهل العلم.
جاء في تصحيح الفروع للمرداوي: وقال في القواعد الفقهية: أصحهما أنها للحمل. انتهى.
أما بالنسبة للمتعة فقد بيناها بالتفصيل في الفتوى رقم: 110530
والله أعلم.