الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن وصول الماء إلى البشرة شرطٌ من شروط صحة الوضوء، فلو وجد حائل يمنع من وصول الماء إلى شيء من أعضاء الوضوء المغسولة بطلت الطهارة، وضابط هذا الحائل أن يكون له جِرمٌ يمنع من وصول الماء إلى البشرة، وأما اللون والأثر الذي لا يمنع من وصول الماء إلى البشرة فلا يؤثر في صحة الطهارة.
قال النووي: إذا كان على بعض أعضائه شمع، أو عجين، أو حناء وأشباه ذلك، فمنع وصول الماء إلى شيء من العضو لم تصح طهارته، سواء كثر ذلك أم قل، ولو بقى علي اليد وغيرها أثر الحناء ولونه دون عينه، أو أثر دهن مائع بحيث يمس الماء بشرة العضو ويجرى عليها لكن لا يثبت صحت طهارته. انتهى.
وسهل بعض أهل العلم في اليسير من ذلك، ولم ير بطلان الطهارة به، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
قال المرداوي في الإنصاف: لو كان تحت أظفاره يسير وسخ يمنع وصول الماء إلى ما تحته لم تصح طهارته. قاله ابن عقيل وقدمه في القواعد الأصولية، والتلخيص، وابن رزين في شرحه. وقيل: تصح وهو الصحيح. صححه في الرعاية الكبر، وصاحب حواشي المقنع، وجزم به في الإفادات، وقدمه في الرعاية الصغرى، وإليه ميل المصنف ، واختاره الشيخ تقي الدين. قال في مجمع البحرين: اختاره شيخ الإسلام يعني به المصنف ونصره وأطلقهما في الحاويين وقيل: يصح ممن يشق تحرزه منه كأرباب الصنائع والأعمال الشاقة من الزراعة وغيرها، واختاره في التلخيص، وأطلقهن في الفروع، وألحق الشيخ تقي الدين كل يسير منع حيث كان من البدن كدم وعجين ونحوهما واختاره. انتهى.
وبهذا يتبين لك أن هذا الأثر المسؤول عنه، إن كان له جرم يحول دون وصول الماء إلى البشرة، لم تصح طهارتك، ووجب عليك إعادة تلك الصلوات التي صليتها بهذا الوضوء، وتقدم اختيار شيخ الإسلام في المسألة. والأولى قول الجمهور إذ هو أحوط وأبرأ للذمة.
وأما إن كان هذا الأثر لا يمنع من وصول الماء إلى البشرة، فطهارتك صحيحة ومن ثم فلا تلزمك إعادة تلك الصلوات.
والله أعلم.