الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله سبحانه أن يقبل توبتك، وأن يثبتك عليها ويصرف عنك كيد شياطين الجن والإنس.
واعلم أيها السائل أنك إن صدقت في توبتك وندمت على ما كان منك، وبذلت الجهد في استصلاح من كنت سببا في إضلالهم، فقد أديت ما عليك ولن يضرك ـ إن شاء الله ـ ما يكون منهم من إصرار على طريق الغواية، وقوله إنه سيستمر على فعل المعصية حتى يحملك من أوزاره قول خاطئ، يدل على جهله وسذاجته، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والأصل المتقرر في الشريعة أنه لا تكسب كل نفس إلا عليها، ولا تزر وازرة وزر أخرى، ولكن استثنى من ذلك أهل البدع والمنكرات الداعين إليها، فهؤلاء يحملون من أوزار من أضلوهم كما قال سبحانه: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ {العنكبوت: 13}. وقال تعالى: لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ {النحل: 25}.
وقال صلى الله عليه وسلم: ومن سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء. رواه مسلم وغيره.
فإذا تاب من ذنبه، وأصلح، وبذل جهده في إصلاح ما كان منه فقد برئ من ذلك ـ إن شاء الله ـ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
وقد نص أهل العلم على أن من تاب من ذنب، فإنه تقبل توبته ولا يضره بقاء أثر ذنبه، ومثلوا لذلك بمن نشر بدعة ثم تاب منها.
قال صاحب المراقي:
من تاب بعد أن تعاطى السببا * فقد أتى بما عليه وجبا
وإن بقي فساده كمن رجع * عن بث بدعة عليها يتبع .
والله أعلم.