الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمسائل الخصومات والمنازعات لا يمكن حلها إلا عن طريق القضاء فهو الذي له الكلمة الفصل في ذلك . ويمكنه سماع حجج الخصوم وبيناتهم.
ولكن نزولا عند رغبتك نقول لك إجمالا: إن ديون الميت تقضى من تركته إن ترك ما يفي بسدادها، وقد ترك زوجك مالا كثيرا كما ذكرت، فالواجب هو البدء بسداد ديونه قبل قسمة التركة، قال تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا {النساء:11}.
وأما بعد قسمة التركة فقد قال ابن عابدين في حاشيته: فلو قسموا التركة بين الورثة ثم ظهر دين محيط قيل للورثة اقضوه فإن قضوه صحت القسمة وإلا فسخت، لأن الدين مقدم على الإرث فيمنع وقوع الملك لهم إلا إذا قضوا الدين أو أبرأ الغرماء ذممهم، فحينئذ تصح القسمة لزوال المال فكذا إذا لم يكن محيطا لتعلق حق الغرماء بها إلا إذا بقي في التركة ما يفي بالدين فحينئذ لا تفسخ لعدم الاحتياج. كذا في قسمة الدرر. اهـ
ومحل ذلك كله ما إذا ثبت الدين ببينة أو إقرار من الميت قبل موته لمن يصح إقراره له، أو صدق الورثة صاحبه.
والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو يُعطَى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، لكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر. رواه الترمذي والبيهقي وبعضه في الصحيحين، كما قال الإمام النووي.
فمن ثبت له حق على الميت ببينة أو إقرارمن الورثة، سواء أكان ذلك بسبب عدم إنفاقه عليك تلك المدة أو لزوجته الثانية أوغيرها وجب على الورثة أداؤه من تركته، ويكون في جميعها لا في نصيب وارث معين.
وبناء عليه فإن ثبت ما تدعيه زوجته الثانية فيجب أداؤه إليها من جميع تركة الميت، فيؤخذ من نصيب كل وارث بقدره إن رضي وإلا ردت القسمة السابقة للتركة حتى تقضى الديون كما بينا سابقا.
قال ابن عابدين في رد المختار: ادعى بعض الورثة بعد الاقتسام دينا على الميت يقبل، ولا يكون الاقتسام إبراء عن الدين، لأنه حقه غير متعلق بالغير فلم يكن الرضا بالقسمة إقرارا بعدم التعلق. انتهى.
وينبغي رفع المسألة إلى المحاكم الشرعية للبت فيها ومعرفة ما يجب لكل خصم وما يجب عليه وإلزامه به .
والله أعلم.