الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما تفعله زوجتك هذه من طلب الطلاق بحجة أنك لم تسمح لها بهذا العمل المختلط، ولم تدفع لها تكاليف الدراسة -والتي كان قد دفعها عنها أبوها وأختها- أمر لا يجوز، وقد ورد الوعيد الشديد للمرأة التي تطلب الطلاق من زوجها دون شدة تلجئها لذلك، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 118823.
وكان الواجب على أهلها وأوليائها أن يكفوها عن غيها ويردوها إلى رشدها، فهذا من واجبها عليهم، لأنه من النصيحة لها، إضافة إلى أن هذا باب من أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو واجب على كل مسلم.
وأما عن استفساراتك فإن كان الأمر على ما ذكرت من عدم دخولك بزوجتك أو خلوتك أو استمتاعك بها، فلا يخلو الحال بالنسبة لحقوقها من أمرين:
الأول: أن يكون ما تم الاتفاق عليه من مقدم الصداق هو هذا المبلغ -ثلاثة آلاف- زيادة على قيمة الشبكة وتكاليف الاحتفال، فالواجب عليك حينئذ أن تدفع ما ألزمتك به المحكمة من باقي معجل الصداق، لأن هذا المال هو في الواقع نصف المهر وزوجتك تستحقه بكل حال ـ سواء طلقتها أو أمسكتهاـ وسواء دخلت بها بعد ذلك أو لم تدخل، لكن إن طلقتها قبل الدخول بها فلا حق لها في باقي المهر، لقوله سبحانه: وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة:237}.
الثاني: أن تكونوا قد اتفقتم على أن هذه الشبكة وتكاليف الاحتفال من مجموع المهر، فالواجب إذاً العمل بموجب الاتفاق ولا يضر عدم كتابته في العقد، وحينئذ فلا يجب لزوجتك إلا الباقي بعد قيمة الشبكة ونفقات الحفلة.
وأما عن النفقة، فإن المرأة لا تستحقها إلا بعد الدخول وتمكين الزوج من الاستمتاع بها، إلا إذا كانت الزوجة باذلة لنفسها مستعدة للدخول ووقع الامتناع أو التأخر من جانب الزوج فتلزمه حينئذ نفقتها ولو لم يدخل بها، وهذا غير متحقق في حالتك، لأن زوجتك هي الممتنعة عن إتمام الزواج وتطلب الطلاق، فعليك أن تثبت هذا أمام المحكمة حتى يحكم القاضي بعدم استحقاقها لهذا النفقة أصلا.
وفي النهاية ننبهك أنه ما دامت زوجتك تصر على طلب الطلاق دون مبرر متذرعة في ذلك بأسباب واهية، بل هي في الحقيقة من قبيل البغي والعدوان، يحق لك حينئذ أن تمتنع عن طلاقها -بعد توفيتها مهرها- حتى تفتدي منك بمال, كما بيناه في الفتوى رقم: 76251.
والله أعلم.