الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا مراراً وتكراراً خطر الربا على الفرد والمجتمع، فمتعاطيه والمتعامل به واقع في موبقة من الموبقات، مستوجب لسخط الله ولعنته، ومحارب لله ورسوله، وإذا مات فإنه يقوم من قبره في أشنع حال وأقبح منظر كالمجنون الذي يصرع.. والربا ممحوقة بركته تالفة ثمرته، ولعل ما أصاب هذه الأسرة من نكبات وخسائر وأمراض يكون بسبب الربا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما ظهر في قوم الربا والزنا إلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله. رواه أحمد وحسنه الألباني.
فإذا علم هذا، علم أنه لا يجوز وضع الأموال في البنوك الربوية ولا إبقاؤها فيها، وأنه يجب عليكم أن تخرجوها فوراً من البنك الربوي، وأن تتوبوا إلى الله من أكل الربا، وأن تتخلصوا من الفوائد الربوية الزائدة على رأس المال بإنفاقها في مصالح المسلمين أو الصدقة بها على الفقراء والمساكين، ثم ابحثوا بعد ذلك عن بديل شرعي لحفظ هذا المال وتنميته كالبنوك الإسلامية المنضبطة بالضوابط الشرعية، أو شركات توظيف الأموال التي تقوم على المضاربة الشرعية، ما دمتم عاجزين عن استثمار أموالكم بأنفسكم.
واعلموا أن من اتقى الله وقاه، ومن توكل عليه كفاه، ومن حفظه حفظه ولم يكله إلى غيره، كما قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا*....... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا. {الطلاق:2-3-4}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: احفظ الله يحفظك. رواه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح، وصححه الألباني. وراجع في ما سبق الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 113881، 115111، 518.
ثم ننبه على أن الفوائد الربوية الزائدة على رأس المال لا يجوز لكم الانتفاع بها إلا إذا كنتم محتاجين ولا تجدون ما يكفي ضروريات الحياة، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 69047.
وبما أنه لا يزال عندكم جزء من رأس المال فهذا يعني أنكم لستم أهل فاقة إن كان هذا الجزء مالاً معتبراً يكفي لسد حاجتكم إلى مظنة الإيسار.
و أما بالنسبة لرؤيا أخيك أباك على الحال التي ذكرت، فإنها لا تدل -إن صدقت- على هوان ذنب الربا، أو أن صاحبه لا خطر عليه في الآخرة، وعلى أية حال فكل الذنوب دون الكفر والشرك في مشيئة الله تعالى، إن شاء غفرها، وإن شاء آخذ بها، ثم إن الرؤيا على أية حال وإن صدق صاحبها لا ينبني عليها أحكام دينية أو دنيوية، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 11052، 34573، 67482.
ثم إن عليكم أن تعلموا أنه غير مستبعد أن تكون رؤيا الأخ من الشيطان؛ ليهون عليكم التمادي في هذه الكبيرة، ويشغلكم عن الاستغفار للوالد، والسعي في تخليصه من تبعات ما كان يفعله، وذلك بسحب المال من البنك الربوي فوراً.
والله أعلم.