الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله سبحانه لنا ولكم ولسائر المسلمين الثبات على الدين والنجاة من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
وأما عن استفسارك عن وقت صلاة الجمعة فنقول: ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن آخر وقت الجمعة هو دخول وقت العصر، فبمجرد دخوله تسقط الجمعة وتصلى ظهرا على خلاف بينهم، فيمن دخلت عليه صلاة العصر وهو يصلي الجمعة.
وقد أجمل ابن عبد البر المالكي هذا الخلاف في الاستذكار فقال: قال أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما والحسن بن حي: وقت الجمعة وقت الظهر فإن فات وقت الظهر بدخول وقت العصر لم تصل الجمعة، وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن دخل وقت العصر وقد بقي من الجمعة سجدة أو قعدة فسدت الجمعة ويستقبل، وقال الشافعي: إذا خرج الوقت قبل أن يسلم أتمها ظهرا. انتهى.
وخالف في ذلك المالكية فجعلوها مثل الظهر، وعلى ذلك فإن وقتها الاختياري عندهم ينتهي بدخول وقت العصر ووقتها الضروري لأصحاب الأعذار يمتد لغروب الشمس على خلاف في ذلك في المذهب.
جاء في التاج والإكليل: قال ابن القاسم: إن أخر الإمام صلاة الجمعة حتى دخل وقت العصر فليصل الجمعة بهم ما لم تغب الشمس وإن كان لا يدرك بعض العصر إلا بعد الغروب. انتهى.
جاء في التاج والإكليل: اختلف في آخر وقت الجمعة فقيل ما بقي للعصر ركعة إلى الغروب وهو ظاهر المدونة وسمعه عيسى وقيل ما لم تغرب الشمس. انتهى.
وعلى كل فإنه لا يجوز تأخير الجمعة حتى يدخل وقت العصر مطلقا، وعلى الأئمة والمأمومين أن يراعوا ذلك فيحرص المأمومون على صلاة الجمعة في المساجد التي تصليها أولا، ويحرص الأئمة - في المساجد التي تؤخر الجمعة - على الانتهاء من الصلاة قبل دخول وقت العصر .
فإن وجد بعض الناس الذين لهم أعذار معتبرة ولا يقدرون على صلاة الجمعة في أول وقتها فهؤلاء لا حرج عليهم حينئذ في الصلاة في المساجد التي تؤخر الجمعة ولو دخل وقت العصر اتباعا لمذهب المالكية المتبع في بلادكم.
وأما من لم يكن له عذر وأخرها متعمدا حتى دخل عليه وقت العصر، فإنها تجزئه أيضا على مذهب المالكية، لكنه إن كان عالما بعدم جواز التأخير فإنه يأثم إثما عظيما بسبب تضييع الوقتـ،، أما إن كان جاهلا فنرجو ألا يكون عليه من ذلك حرج إن شاء الله، وعليه أن ينتهي عن ذلك بمجرد علمه.
والله أعلم.