الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالشريك والمضارب لا يضمن رأس مال شريكه دون تعد منه عليه أو تفريط فيه؛ لأنه مؤتمن ولا ضمان على مؤتمن.
جاء في أسنى المطالب: كل مال تلف في يد أمين من غير تعد لا ضمان عليه. انتهى.
ولذا فلا حق لك في مطالبة شريكك بدفع رأس مالك إلا إذا كان موجودا وأردتما حل الشركة، فإن كانت هناك خسارة فهي عليكما كل حسب نصيبه.
جاء في المدونة: قال مالك: الوضيعة على قدر رؤوس أموالهما، والربح على قدر رؤوس أموالهما.
وجاء في نصب الراية للزيلعي: والوضيعة على قدر المالين. انتهى.
وفي كشاف القناع: والوضيعة على قدر ملكيهما فيه... لأن الوضيعة عبارة عن نقصان رأس المال وهو مختص بملاكه فوزع بينهما على قدر حصصهما. انتهى منه باختصار.
وفي المغني لابن قدامة: والوضيعة على قدر المال. يعني الخسران في الشركة على كل واحد منهما بقدر ماله، فإن كان مالهما متساوياً في القدر، فالخسران بينهما نصفين، وإن كان أثلاثا، فالوضيعة أثلاث. لا نعلم في هذا خلافاً بين أهل العلم. وبه يقول أبو حنيفة والشافعي وغيرهما. انتهى.
وبناء عليه فحصتك في الشركة إن كان الباقي منها بعد الخسارة يبلغ نصابا ولو بضمه إلى ما عندك من نقود وعروض تجارة أخرى- إن كان عندك منها شيء- واجتمع لديك من ذلك ما يبلغ نصابا وقد حال عليه الحول فعليك زكاته.
وأما إن كانت حصتك في الشركة دينا في ذمة شريكك، وذلك سبب تعديه عليها أو تفريطه فسبيلها سبيل زكاة الدين. ولها حالتان: أن يكون المدين على قادر على إرجاعه فهذا يزكيه صاحبه عن كل حول مر عليه، فيجوز له أن يزكيه عن كل سنة قبل أن يقبضه، ويجوز له أن يؤخر ذلك حتى يقبضه فيزكي عما مضى من السنين. وهذا على المختار من أقوال أهل العلم. لكن لو زكى عن كل عام في حال أوانه لكان أولى وأحوط، لأن فيه خروجاً من الخلاف. وإن كان الدين على معسر أو مماطل فهل تجب فيه الزكاة؟ على خلاف بين أهل العلم. والأحوط أن يزكيه إذا قبضه لما مضى. أو يزكيه إذا قبضه عن عام واحد ولو تعددت الأعوام. وهذا الاحتمال هو الأقرب إلى ما ذكرت.
وللفائدة انظر الفتاوى الآتية أرقامها: 7368، 28145، 30766.
والله أعلم.