الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمصافحة الطفلة للرجال لا حرج فيه ما دامت صغيرة لا تشتهى، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: لا خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أنَّ لَمْسَ الصِّغَارِ بِشَهْوَةٍ حَرَامٌ، سَوَاءٌ فِي حَالَةِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ أمْ فِي حَالَةِ اخْتِلاَفِهِ، وَسَوَاءٌ أبَلَغَ الصِّغَارُ حَدَّ الشَّهْوَةِ أمْ لَمْ يَبْلُغُوهَا، وَمِنَ اللَّمْسِ الْمُصَافَحَةُ، وَمِنْ شُرُوطِ مَشْرُوعِيَّةِ الْمُصَافَحَةِ عَدَمُ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فَإِنْ كَانَ اللَّمْسُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَكَانَ الصَّغِيرُ أوِ الصَّغِيرَةُ مِمَّنْ لاَ يُشْتَهَى جَازَ لَمْسُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَمِ اخْتَلَفَ، لِعَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فِي هَذِهِ الْحَال، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ، تَحِل مُصَافَحَتُهُ مَا دَامَتِ الشَّهْوَةُ مُنْعَدِمَةً، لأَِنَّهَا نَوْعٌ مِنَ اللَّمْسِ فَتَأْخُذُ حُكْمَهُ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ بِجِوَازِ مُصَافَحَةِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لاَ تُشْتَهَى وَأمَّا إِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ أوِ الصَّغِيرَةُ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَحُكْمُهُ مِنْ حَيْثُ اللَّمْسُ كَحُكْمِ الْكِبَارِ، وَالْمُصَافَحَةُ مِثْلُهُ، فَيُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ حَالَةِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَحَالَةِ اخْتِلاَفِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أنَّ الصَّغِيرَ ابْنَ ثَمَانِ سَنَوَاتٍ فَأَقَل يَجُوزُ مَسُّهُ وَإِنِ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ، فَإِنْ زَادَ عَنْ هَذِهِ السِّنِّ أخَذَ حُكْمَ الرِّجَال فِي الْمَسِّ، وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَإِنْ لَمْ تَتَجَاوَزْ سِنَّ الرَّضَاعِ جَازَ مَسُّهَا، وَإِنْ جَاوَزَتْ سِنَّ الرَّضَاعِ وَكَانَتْ مُطِيقَةً ـ أَيْ مُشْتَهَاةً ـ حَرُمَ مَسُّهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُطِيقَةً فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ يُعْرَفُ حُكْمُ مُصَافَحَةِ الصِّغَارِ عِنْدَهُمْ، لأَِنَّهَا نَوْعٌ مِنَ اللَّمْسِ .هـ.
ومن ذلك يتضح أن المصافحة بشهوة محرمة مطلقا بغض النظرعن سن الطفلة، وكذلك إن كانت الطفلة ممن تشتهى فإن مصافحتها لا تجوز، وعلى ولي الأمر منعها من المصافحة وغيرها من أسباب الفتنة.
جاء في الموسوعة: عَلَى الأَْبِ أنْ يَمْنَعَ بِنْتَه الصَّغِيرَةَ عَنِ التَّبَرُّجِ إِذَا كَانَتْ تُشْتَهَى، حَيْثُ لاَ يُبَاحُ مَسُّهَا وَالنَّظَرُ إِلَيْهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ.
أما إن كانت الطفلة لا تزال صغيرة لا تشتهى ولم تكن مصافحتها للرجال بشهوة، فلا حرج في مصافحتها ولكن إن كان ولي أمرها يرى مصلحة تربوية لها في منعها من مصافحة الرجال، فلا حرج عليه في ذلك، كسائر المباحات التي قد يرى المنع منها لمصلحة ما، وننبه إلى أهمية الرفق والمعاملة الحسنة واستعمال الأسلوب الحكيم في تنشئة الأولاد والبدء بالأهم فالأهم، وترتيب الأولويات.
والله أعلم.