الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دام صاحبك هو الذي اشترى آلات المحل واستأجره أووكلك في القيام عنه بذلك ولم يدفع إليك رأس المال نقدا على سبيل المضاربة، فالعقد بينكما إجارة ـ وإن سمي شركة أوغيرها ـ إذ العبرة في العقود بمعانيها لا بألفاظها ومبانيها والأجير مؤتمن على مال من استأجره ولا يضمنه دون تعد أو تفريط، لقوله صلى الله عليه وسلم: لاضمان على مؤتمن.
وكون الأجرة نسبة من الربح مما يخل بالعقد لجهالة الأجر، ولابد في الإجارة من معلومية الأجر، لما أخرجه أحمد من حديث أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيراً فأعلمه أجره.
هذا هو الراجح وهو مذهب الجمهور، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك وهي رواية عن أحمد وإن لم تكن هي التي عليها أغلب أهل المذهب، قال ابن قدامة في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصاناً يبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز، نص عليه في رواية حرب، وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربع جاز، نص عليه، ولم يجز مالك وأبو حنيفة والشافعي شيئاً من ذلك، لأنه عوض مجهول وعمل مجهول، وقد ذكرنا وجه جوازه، وإن جعل له مع ذلك دراهم معلومة لم يجز نص عليه، وعنه الجواز، والصحيح الأول. وانظر الفتويين: 108011، 104732.
وبناء على القول بفساد عقد الإجارة، فإنك تستحق على صاحبك أجرة مثلك عن عملك السابق معه في إدارة ماله فحسب، ولاحق لك في شهرة المحل أوغيره، ويلزم تصحيح العقد فيما يستقبل إن أردتما البقاء عليه.
وعلى القول بصحة الإجارة بنسبة من الربح ونحوها، فالعقد صحيح ومن الربح شهرة المحل التي حصلت بعملك وجهدك في المحل فلك منها بحسب ما اتفقتما عليه.
والمحل المستأجر ورأس ماله لصاحبك ولاحق لك في مطالبته بالتنازل لك عنه، لأنك مجرد أجيرعنده تدير له عمله ولست شريكا كما ذكرت ولاضمان عليك دون تعد أو تفريط، هذا إن كان الأمر كما اتضح لنا من كون المعاملة بينكما إجارة، فإن كانت مضاربة بأن كان دفع إليك رأس المال نقدا لتضارب فيه وتنميه بنسبة من الربح فلا حرج لكن ضمان المضارب لرأس مال الشركة أو بعضه مما يفسد عقد المضاربة وإذا فسد عقد المضاربة بسبب ضمان العامل لرأس المال ونحوه فإنه يستحق أجرة مثله عن عمله على الراجح، قال في المغني: الربح جميعه لرب المال، لأنه نماء ماله، وإنما يستحق العامل بالشرط، فإذا فسدت المضاربة فسد الشرط، فلم يستحق منه شيئاً، ولكن له أجر مثله.
وفي بدائع الصنائع للكاساني: وأما حكم المضاربة الفاسدة، وإنما له أجر مثل عمله سواء كان في المضاربة ربح أو لم يكن. وراجع للمزيد من التفصيل الفتاوى التالية أرقمها: 47590، 50252، 78071.
وبناء على الاحتمال الأخير وهو كون الشركة شركة مضاربة فإن كنت ضامنا لرأس مال شريكك أو بعضه ونحو ذلك كما هو الظاهر فعقد المضاربة فاسد ولك أجرة مثلك فحسب، ورأس المال وربحه لشريكك، ومن ذلك شهرة المحل وغيره.
وإن كنت غير ضامن والشركة بينكما شركة مضاربة صحيحة وأردتما فسخها والمحل مستأجر من مال المضاربة فشهرته من الربح وتضاف إليه ولك من ذلك بقدر ما اتفقتما عليه.
والله أعلم.