الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يأجرك فيما أصابك، وأن يجعل ما قدمته من خير لزملائك في ميزان حسناتك، والمصائب التي تعرض للإنسان قد تكون عقوبة له بسبب ذنوبه، كما في قوله تعالى: مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا. {النساء:79}. وقوله: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ. {الشورى:30}.
وقد تكون بسبب محبة الله له، ليكفر عنه سيئاته ويرفع درجاته، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة. رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وصححه الألباني.
وقد تكون للعبد درجة عند الله لا يستطيع أن يصل إليها بعمله، فيبتليه الله بما يكفر عن سيئاته أو يرفع من درجاته حتى يوصله إليها.
قال ابن القيم: وإذا تأملت حكمته سبحانه فيما ابتلى به عباده وصفوته بما ساقهم به إلى أجل الغايات وأكمل النهايات التي لم يكونوا يعبرون إليها إلا على جسر من الابتلاء والامتحان، وكان ذلك الجسر لكماله كالجسر الذي لا سبيل إلى عبورهم إلى الجنة إلا عليه، وكان ذلك الابتلاء والامتحان عين المنهج في حقهم والكرامة، فصورته صورة ابتلاء وامتحان، وباطنه فيه الرحمة والنعمة، فكم لله من نعمة جسيمة ومنة عظيمة تجنى من قطوف الابتلاء والامتحان ....
... فلله سبحانه من الحكم في ابتلائه أنبياءه ورسله وعباده المؤمنين ما تتقاصر عقول العالمين عن معرفته، وهل وصل من وصل الى المقامات المحمودة والنهايات الفاضلة إلا على جسر المحنة والابتلاء؟. مفتاح دار السعادة.
وقال الألباني رحمه الله في السلسة الصحيحة عقب إيراده عدة أحاديث في أشد الناس بلاء: وفي هذه الأحاديث دلالة صريحة على أن المؤمن كلما كان أقوى إيمانا ، ازداد ابتلاء و امتحانا، و العكس بالعكس، ففيها رد على ضعفاء العقول والأحلام الذين يظنون أن المؤمن إذا أصيب ببلاء كالحبس أو الطرد أو الإقالة من الوظيفة، ونحوها أن ذلك دليل على أن المؤمن غير مرضي عند الله تعالى. وهو ظن باطل ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أفضل البشر ، كان أشد الناس حتى الأنبياء بلاء، فالبلاء غالبا دليل خير، وليس نذير شر، كما يدل على ذلك أيضا الحديث الآتي: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، والله إذا أحب قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط ... وسنده حسن... ... وهذا الحديث يدل على أمر زائد على ما سبق و هو أن البلاء إنما يكون خيرا ، وأن صاحبه يكون محبوبا عند الله تعالى، إذا صبر على بلاء الله تعالى ، ورضي بقضاء الله عز و جل . ويشهد لذلك الحديث الآتي : عجبت لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، إن أصابه ما يحب حمد الله و كان له خير، وإن أصابه ما يكره فصبر كان له خير وليس كل أحد أمره كله خير إلا المؤمن. اهـ باختصار .
وراجعي حكم الابتلاء في الفتويين: 13270، 27585 .
أما سعيك لرفع درجتك في الامتحان فلا يجوز، طالما كانت النتيجة عادلة، فإن كان فيها ظلم أو احتمل كونها كذلك، فلا حرج عليك في السعي لإعادة النظر فيها، وليس في ذلك تعارض مع الرضا بقضاء الله وقدره، وإنما هو من الأخذ بالأسباب المشروعة، ومن مدافعة القدر بالقدر. وانظري الفتوى رقم: 49916 .
والله أعلم.