الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فرمضان شهر التنافس في الخيرات والتزود من الطاعات، وفيه تعظم الأجور وترفع الدرجات، والصدقة من أهم العبادات التي ينبغي على المسلم أن يكون له منها نصيب في هذا الشهر، وهي في رمضان أفضل منها في غيره، فقد أخرج الترمذي من حديث أنس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أفضل الصدقة صدقة في رمضان.
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة.
فإكثار النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقة في هذا الشهر دليل واضح على أنها فيه أفضل منها في غيره.
وأما اطلاع الميت على ما يهدى إليه من ثواب الصدقة، فقد وردت بعض الأحاديث الضعيفة التي تدل عليه وانظر الفتوى رقم: 9998، وقد سرد ابن القيم في أول كتاب الروح جملة كبيرة من الآثار عن السلف تدل على أن الموتى يشعرون بزيارة الأحياء، وقال في غضون ذلك: وأبلغ من ذلك أن الميت يعلم بعمل الحي من أقاربه وإخوانه. ثم ذكر من الآثار ما دلل به على ما ذكره، فإن كان ما ذكره صحيحا فاطلاعهم على ما يخصهم ويتعلق بهم ممّا يهدى إليهم ثوابه من الصدقة أولى، وليس شيء من ذلك بعيدا في قدرة الله عز وجل، وإن كان التوقف عن الخوض في أمثال هذه الأبحاث أولى وأسلم، لأنها من الغيب الذي لا يمكن القول فيه إلا بتوقيف من الشارع.