الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المال لا تجب فيه الزكاة إلا بشرطين هما: بلوغ النصاب وأن يحول عليه الحول الهجري وهو في ملك صاحبه، فإن بلغ النصاب ثم نقص عنه في أثناء الحول فإنه يستأنف به حولاً جديداً، وسواء فيما ذكرناه عروض التجارة وغيرها على الراجح، وقد أوضح الموفق في المغني هذا المعنى أتم إيضاح ونحن ننقل لك كلامه، لما فيه من إزالة الإشكال عنك ـ إن شاء الله ـ قال رحمه الله: وجملة ذلك أنه يعتبر الحول في وجوب الزكاة في مال التجارة، ولا ينعقد الحول حتى يبلغ نصاباً فلو ملك سلعة قيمتها دون النصاب فمضى نصف الحول وهي كذلك ثم زادت قيمة النماء بها أو تغيرت الأسعار فبلغت نصاباً أو باعها بنصاب أو ملك في أثناء الحول عرضاً آخرأو أثماناً تم بها النصاب ابتدأ الحول من حينئذ فلا يحتسب بما مضى، هذا قول الثوري وأهل العراق والشافعي وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور وابن المنذر، ولو ملك للتجارة نصاباً فنقص عن النصاب في أثناء الحول ثم زاد حتى بلغ نصاباً استأنف الحول عليه، لكونه انقطع بنقصه في أثنائه. انتهى.
وبه يتبين لك أن الواجب عليك حساب زكاة هذا المحل من الوقت الذي بلغ فيه المال نصاباً ولا عبرة بما قبل ذلك، ويجب أن تتنبه إلى أن عروض التجارة تضم قيمتها إلى ما تملكه من الأثمان فتخرج زكاة الجميع، قال ابن قدامة: فإن عروض التجارة تضم إلى كل واحد من الذهب والفضة ويكمل به نصابه لا نعلم فيه اختلافاً.
وأيضاً فإن عروض التجارة تتبع الأصل الذي اشتريت به إذا كان زكوياً فحول العروض في هذه الحال هو حول الأصل، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 126796.
وبه تعلم أن تاريخ وجوب زكاة هذا المحل هو السابع من شوال، لكن إذا كانت الزكاة قد وجبت عليك في بعض السنين الماضية التي لم تفكر في إخراج زكاتها، لكون البضائع التي في المحل لم تنقص عن النصاب في أثناء الحول ـ ولو بضمها إلى ما عندك من مال زكوي آخرـ فالواجب عليك التوبة إلى الله والمبادرة بإخراجها، فإن دين الله أحق أن يقضى، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.