الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه المسألة تنبني على خلاف العلماء في أقل الطهر بين الحيضتين، وهو عند الجمهور خمسة عشر يوماً وعند الحنابلة ثلاثة عشر يوماً، فعلى قول الجمهور فإن هذا الدم الذي رأيته قبل مضي خمسة عشر يوماً على انقطاع الحيضة السابقة يعد دم استحاضة فيلزمك معه ما يلزم المستحاضة من الوضوء لكل صلاة بعد دخول الوقت والتحفظ بشد خرقة أو نحوها على الموضع، وترجعين إلى عادتك السابقة فما وافقها من الدم اعتبرته حيضاً، فإن لم تكن لك عادة رجعت إلى التمييز الصالح، وإن لم يكن لك عادة ولا تمييز صالح جلست غالب عادة النساء ستة أيام أو سبعة على تفصيل معروف بيناه في فتاوى كثيرة، وانظري منها الفتوى رقم: 115704 وما أحيل عليه فيها.
وأما على قول الحنابلة فإن هذا الدم الذي رأيته دم حيض لأنه قد مر بينه وبين الحيضة السابقة أقل الطهر بين الحيضتين، وقد استدل الحنابلة على ذلك بأثر عن علي رضي الله عنه مما يقوي مذهبهم ويجعله أولى بالترجيح. قال ابن قدامة رحمه الله: وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوماً لأن كلام أحمد لا يختلف أن العدة تصح أن تنقضي في شهر واحد إذا قامت به البينة، وقال إسحاق: توقيت هؤلاء بالخمسة عشر باطل وقال مالك والثوري والشافعي وأبو حنيفة: أقل الطهر خمسة عشر وذكر أبو ثور أن ذلك لا يختلفون فيه، ولنا: ما روي عن علي رضي الله عنه أن امرأة جاءته وقد طلقها زوجها فزعمت أنها حاضت في شهر ثلاث حيض طهرت عند كل قرء وصلت فقال علي لشريح قل فيها؟ فقال شريح: إن جاءت بينة من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته فشهدت بذلك وإلا فهي كاذبة، فقال علي: قالون وهذا بالرومية ومعناه جيد وهذا لا يقوله إلا توقيفاً، ولأنه قول صحابي انتشر ولم نعلم خلافه رواه الإمام أحمد بإسناده ولا يجيء إلا على قولنا أقله ثلاثة عشر وأقل الحيض يوم وليلة. انتهى.
فالواجب عليك إذاً على قول الحنابلة هو أن تقضي هذه الأيام لأن صومك وقع غير صحيح إذ إنك كنت حائضاً وصيام الحائض غير صحيح، وهذا القول هو الأحوط وبه تخرجين من الخلاف.
والله أعلم.